
استكشف مصطلح “تحليل المنافسة” في سياق التسويق الاستراتيجي
تحليل المنافسة هو جوهر التسويق الاستراتيجي، فهو يمكّن المؤسسات من فهم بيئتها التنافسية وتحديد نقاط قوة وضعف منافسيها. يتيح هذا التحليل اتخاذ قرارات مستنيرة وتطوير استراتيجيات تسويقية فعالة لتحقيق ميزة تنافسية مستدامة في الأسواق الديناميكية. في ظل تعقيد الأسواق وكثرة اللاعبين، يعد تحليل المنافسة أداة أساسية للنجاح ومواجهة التحديات.
يركز التحليل على دراسة المنافسين الحاليين والمحتملين، واستكشاف استراتيجياتهم وأهدافهم، وتحديد مصادر المعلومات لفهم سلوكهم المستقبلي. يستخدم أطرًا نظرية وعملية مثل نموذج “القوى الخمس” لبورتر، الذي يحلل القوى التنافسية وتأثيرها على الربحية، وتحليل السلسلة القيمية، الذي يحدد الأنشطة التي تضيف قيمة وتساهم في بناء موقع تنافسي قوي.
تهدف هذه المقالة إلى تقديم شرح واضح لطلاب إدارة الأعمال والتسويق حول كيفية إجراء تحليل المنافسة الفعال، بدءًا من تعريف المنافسة وصولًا إلى الأدوات المستخدمة، مثل نماذج تحليل السوق والصناعة وملفات المنافسين. سيتم استعراض دور العوامل البيئية الخارجية، كالعوامل الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية، في تشكيل هيكل التنافس.
بالإضافة إلى ذلك، ستسلط المقالة الضوء على أهمية المنافسين غير المباشرين، وكيفية استخدام البيانات والمعلومات لفهم استراتيجيات المنافسين وتوقع تحركاتهم المستقبلية، مما يسمح للشركات بوضع خطط دفاعية وهجومية. في ظل التغيرات السريعة في الأسواق، أصبح تحليل المنافسة ضروريًا لتحقيق النجاح المستدام. تقدم هذه المقالة إطار عمل شامل لمساعدة الطلاب على فهم وتطبيق هذا المفهوم في حياتهم المهنية.
تحليل المنافسة هو جوهر التسويق الاستراتيجي، فهو يمكّن المؤسسات من فهم بيئتها التنافسية وتحديد نقاط قوة وضعف منافسيها. يتيح هذا التحليل اتخاذ قرارات مستنيرة وتطوير استراتيجيات تسويقية فعالة لتحقيق ميزة تنافسية مستدامة في الأسواق الديناميكية. في ظل تعقيد الأسواق وكثرة اللاعبين، يعد تحليل المنافسة أداة أساسية للنجاح ومواجهة التحديات.
يركز التحليل على دراسة المنافسين الحاليين والمحتملين، واستكشاف استراتيجياتهم وأهدافهم، وتحديد مصادر المعلومات لفهم سلوكهم المستقبلي. يستخدم أطرًا نظرية وعملية مثل نموذج “القوى الخمس” لبورتر، الذي يحلل القوى التنافسية وتأثيرها على الربحية، وتحليل السلسلة القيمية، الذي يحدد الأنشطة التي تضيف قيمة وتساهم في بناء موقع تنافسي قوي.
تهدف هذه المقالة إلى تقديم شرح واضح لطلاب إدارة الأعمال والتسويق حول كيفية إجراء تحليل المنافسة الفعال، بدءًا من تعريف المنافسة وصولًا إلى الأدوات المستخدمة، مثل نماذج تحليل السوق والصناعة وملفات المنافسين. سيتم استعراض دور العوامل البيئية الخارجية، كالعوامل الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية، في تشكيل هيكل التنافس.
بالإضافة إلى ذلك، ستسلط المقالة الضوء على أهمية المنافسين غير المباشرين، وكيفية استخدام البيانات والمعلومات لفهم استراتيجيات المنافسين وتوقع تحركاتهم المستقبلية، مما يسمح للشركات بوضع خطط دفاعية وهجومية. في ظل التغيرات السريعة في الأسواق، أصبح تحليل المنافسة ضروريًا لتحقيق النجاح المستدام. تقدم هذه المقالة إطار عمل شامل لمساعدة الطلاب على فهم وتطبيق هذا المفهوم في حياتهم المهنية.
جدول المحتويات
مفهوم تحليل المنافسة
فيما يلي سنتناول تعريف، أهمية وأهداف تحليل المنافسة
تعريف تحليل المنافسة
يُعتبر تحليل المنافسة جزءًا أساسيًا من التخطيط الاستراتيجي للتسويق، حيث يهدف إلى فهم البيئة التنافسية التي تعمل فيها المؤسسة وتحديد نقاط القوة والضعف لدى المنافسين (Proctor, 2000, p. 17). يمكن تعريف هذا المفهوم من زوايا متعددة بناءً على وجهات نظر مختلفة للمؤلفين:
- كولن وجليجان يعرّفان تحليل المنافسة بأنه عملية دراسة المنافسين الحاليين والمحتملين، واستكشاف استراتيجياتهم وأهدافهم، بالإضافة إلى تحديد مصادر المعلومات التي يمكن استخدامها لفهم سلوكاتهم وتحركاتهم المستقبلية (Gilligan & Wilson, 2003, p. 175).
- كريفيتس وديفيدج يصفان تحليل المنافسة بأنه أداة أساسية لفهم كيفية عمل المنافسين في السوق وكيف يمكن للشركة أن تتوقع ردود أفعالهم تجاه أي تحركات استراتيجية جديدة تقوم بها الشركة (Cravens & Piercy, 2009, p. 182).
- مورادان وماتزلر ورينغ يقدمون تعريفًا آخرًا بأن تحليل المنافسة هو عملية مستمرة لجمع البيانات وتحليلها حول المنافسين الرئيسيين والمحتملين لتقييم قدراتهم وتحديد استراتيجياتهم المستقبلية (Mooradian et al., 2014, p. 61).
بناءً على هذه التعريفات، فإن الهدف الأساسي من تحليل المنافسة هو تمكين الشركات من اتخاذ قرارات مدروسة وتطوير استراتيجيات تسويقية تمكنها من تحقيق الميزات التنافسية المستدامة في الأسواق المتغيرة باستمرار.
لماذا يُعتبر هذا الجزء أساسيًا في التخطيط الاستراتيجي؟
يُعتبر تحليل المنافسة ضروريًا لتحقيق النجاح التنافسي المستدام. دون فهم واضح للمنافسين وسلوكهم، ستواجه الشركة صعوبات كبيرة في وضع استراتيجيات فعالة وتحقيق الميزات التنافسية (Porter, 1980, p. 3). كما أنه يساعد الشركة على فهم هيكل التنافس داخل الصناعة، مما يؤثر بشكل مباشر على ربحيتها وقوتها التنافسية (Drummond et al., 2008, p. 51).
أهداف تحليل المنافسة
يمكننا إيجاز اهداف تحليل المنافسة فيما يأتي:
- تحديد نقاط القوة والضعف لدى المنافسين:
يتيح تحليل المنافسة للشركة فهمًا دقيقًا لقدرات المنافسين ونقاط ضعفهم، مما يمكّنها من استغلال هذه المعلومات لتحسين موقعها التنافسي (Gilligan & Wilson, 2003, p. 176).
- فهم استراتيجيات المنافسين الحالية والمستقبلية:
يجب أن يكون للمسووق الفهم الكامل لما يفعله المنافسون الآن وكيف سيتصرفون مستقبلاً باستخدام تقنيات مثل نموذج القوى الخمس لبورتر أو خرائط المجموعات الاستراتيجية (Porter, 1980, p. 4; Cravens & Piercy, 2009, p. 182).
- توقع ردود أفعال المنافسين على أي خطوة استراتيجية جديدة:
يمكن أن يساعد فهم سلوك المنافسين في توقع كيف سيستجيبون للتحديات الجديدة مثل تخفيض الأسعار أو إطلاق منتج جديد (Kotler & Keller, 2005, p. 239). على سبيل المثال، إذا قامت الشركة بتخفيض الأسعار أو إطلاق منتج جديد، فإن تحليل المنافسة يمكن أن يساعد في تحديد كيفية استجابتهم لهذه الخطوات.
أهمية تحليل المنافسة
الشركات التي لا تولي اهتمامًا كافيًا بتحليل المنافسين قد تجد نفسها غير قادرة على مواجهة التحديات التي تفرضها البيئة الخارجية، مما يؤدي إلى ضعف أدائها التنافسي وفقدان حصتها السوقية (Diasz, 2013, p. 49). بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم التركيز على تحليل المنافسين قد يؤدي إلى مفاجآت غير مرغوبة، مثل دخول منافسين جدد إلى السوق أو ظهور تقنيات جديدة تغيّر القواعد (Wilson & Gilligan, 2005, p. 183).
بالتالي، فإن تحليل المنافسة ليس مجرد دراسة للمنافسين الحاليين، بل يتطلب أيضًا النظر في المنافسين المحتملين الذين قد يدخلون السوق مستقبلاً باستخدام تقنيات أو منتجات جديدة (Proctor, 2000, p. 17).
مستويات تحليل المنافسة
تتجلى مستويات تحليل المنافسة فيما يلي:
1. المنافسة المباشرة:
يُعتبر تحديد المنافسين الرئيسيين الذين يقدمون نفس المنتج أو الخدمة جزءًا أساسيًا من تحليل المنافسة (Wilson & Gilligan, 2005, p. 182). في هذا المستوى، يتم التركيز على الشركات التي تعمل بنفس الصناعة أو السوق وتقديم عروض متشابهة للعملاء. يساعد هذا النوع من التحليل الشركات على فهم كيفية عمل المنافسين الحاليين واستكشاف استراتيجياتهم وأهدافهم.
على سبيل المثال، يمكن اعتقاد أن شركة كوكا كولا وبيبسي هما منافسان مباشران، حيث يركزان على تقديم مشروبات غازية مشابهة لذات الفئة المستهدفة (Diasz, 2013, p. 63). هذه المنافسة المباشرة تشمل ليس فقط الأسعار والجودة، بل أيضًا الابتكار في الحملات الإعلانية والخدمات المقدمة للعملاء.
2. المنافسة غير المباشرة:
بالإضافة إلى المنافسة المباشرة، يجب على الشركات أيضًا الأخذ بعين الاعتبار المنافسة غير المباشرة، وهي تلك التي تنشأ بين منتجات أو خدمات قد تكون مختلفة تقنيًا ولكنها تلبي نفس الحاجة لدى العملاء (Tomczak et al., 2018, p. 40). على سبيل المثال، يمكن اعتقاد أن هناك منافسة غير مباشرة بين شركات السيارات وشركات الطيران، حيث يختار العملاء إما استخدام السيارة الخاصة أو السفر بالطائرة لتلبية حاجتهم للتنقل (Drummond et al., 2008, p. 59).
هذا النوع من المنافسة يتطلب من الشركة فهمًا أعمق لسلوك العملاء واحتياجاتهم. كما يوضح Gilligan & Wilson (2003, p. 176)، فإن عدم مراعاة المنافسة غير المباشرة قد يؤدي إلى فقدان الفرص المستقبلية التي يمكن أن تظهر عندما تتغير احتياجات العملاء أو تتطور سلوكياتهم.
3. المنافسة المحتملة:
دراسة الشركات التي قد تدخل السوق مستقبلاً هي خطوة استراتيجية أساسية في تحليل المنافسة (Porter, 1980, p. 7). يمكن أن تأتي المنافسة المحتملة من عدة مصادر، بما في ذلك الشركات ذات الموارد المالية الكبيرة، الشركات التي تمتلك تقنيات جديدة، أو الشركات التي تستفيد من السياسات الحكومية لدخول الأسواق الجديدة.
على سبيل المثال، دخلت شركات مثل easyJet وRyanair سوق النقل الجوي في أوروبا، مما أحدث تغييرًا كبيرًا في طريقة تنافس شركات الطيران التقليدية مثل British Airways (Cravens & Piercy, 2009, p. 182). هذه الشركات كانت قادرة على تقديم خدمات بأرخص الأسعار بسبب نموذج أعمالها المختلف، مما أثر على حصة السوق التقليدية.
أدوات تحليل المنافسة
أدوات تحليل المنافسة عديدة نذكر منها:
1. نموذج القوى الخمس لبورتر
يُعتبر نموذج القوى الخمس (Porter’s Five Forces Model) أحد أهم الأدوات التي تستخدمها الشركات لتحليل البيئة التنافسية (Dann & Dann, 2007, p. 101). يركز هذا النموذج على خمسة أبعاد رئيسية تؤثر في شدة وطبيعة التنافس داخل أي صناعة:
- قوة المشترين: تعتمد على عدد المشترين مقابل البائعين، وتفضيلهم للمنتجات أو الخدمات، والتكاليف المرتبطة بتغيير الموردين (Proctor, 2000, p. 114).
- قوة الموردين: إذا كان هناك عدد قليل من الموردين الذين يقدمون مدخلات حيوية للصناعة، فإن ذلك يمنحهم قدرة على فرض أسعار مرتفعة أو التحكم بجودة المنتجات (Drummond et al., 2008, p. 59).
- تهديد المنتجات البديلة: يشير إلى مدى توفر منتجات أو خدمات يمكن أن تلبي نفس الحاجة لدى العملاء. على سبيل المثال، قد تواجه شركات الطيران تهديدًا من خدمات المؤتمرات الإلكترونية كبديل عن السفر (Tomczak et al., 2018, p. 40).
- تهديد دخول جديد: يتمثل في العوامل التي تجعل من الصعب أو السهل دخول منافسين جدد إلى السوق، مثل رأس المال اللازم، التقنيات المطلوبة، والسياسات الحكومية (Porter, 1980, p. 7).
- المنافسة داخل الصناعة: تعتمد على عدد اللاعبين في السوق، مستوى التفاضل بين المنتجات، وتكاليف الخروج من السوق (Cravens & Piercy, 2009, p. 182).
يمكن استخدام هذا النموذج لتقييم البيئة التنافسية من خلال تحديد نقاط القوة والضعف داخل الصناعة (Wilson & Gilligan, 2005, p. 183). على سبيل المثال، إذا كانت قوة المشترين مرتفعة، فقد يكون من الضروري تخفيض الأسعار أو تقديم قيمة مضافة أكبر للحفاظ على الحصة السوقية.
2. تحليل مجموعات الاستراتيجية
تحليل المجموعات الاستراتيجية (Strategic Group Mapping) هو أداة تساعد على تصنيف الشركات بناءً على استراتيجياتها وأهدافها المشتركة (Porter, 1980, p. 132). يمكن تعريف المجموعة الاستراتيجية بأنها مجموعة الشركات التي تتبع استراتيجيات مشابهة ضمن نفس الصناعة. على سبيل المثال، في صناعة السيارات، يمكن تصنيف شركات مثل تويوتا ومازدا كمجموعة استراتيجية واحدة بسبب تركيزهما على تقديم سيارات اقتصادية ذات جودة عالية، بينما تصنف شركات مثل مرسيدس وBMW كمجموعة مختلفة بسبب تركيزهما على الفخامة والتقنيات المتقدمة (Diasz, 2013, p. 63).
تعتمد عملية التصنيف على عوامل مثل:
- حجم الشركة وحصتها السوقية: الشركات الكبرى قد تكون أكثر قدرة على الدفاع عن حصتها السوقية مقارنة بالشركات الصغيرة (Hooley et al., 2008, p. 44).
- تنويع المنتجات أو الخدمات: الشركات التي تقدم مجموعة متنوعة من المنتجات قد تكون أقل عرضة للتهديدات البديلة (Tomczak et al., 2018, p. 40).
- التغطية الجغرافية: الشركات التي تعمل في أسواق متعددة قد تكون أكثر تنافسية مقارنة بتلك التي تعمل في سوق واحد (Proctor, 2000, p. 114).
على سبيل المثال، في صناعة الهواتف الذكية، يمكن تصنيف شركات مثل سامسونغ وآبل كمجمعة استراتيجية واحدة بسبب تركيزهما على التقنيات الحديثة والإبتكار المستمر، بينما تصنف شركات أخرى مثل شاومي وهواوي كمجمعة مختلفة بسبب تركيزهما على تقديم حلول اقتصادية (Cravens & Piercy, 2009, p. 182).
3. ملف المنافس (Competitor Profile)
ملف المنافس هو وثيقة شاملة تحتوي على المعلومات الرئيسية حول المنافس، بما في ذلك أهدافه، قدراته، استراتيجياته الحالية، والاستجابات المحتملة لتحركات السوق (Davidson, 1987a, p. 139). يجب أن يتضمن الملف التالي:
- الأهداف: ما الذي يسعى إليه المنافس؟ هل هو يركز على النمو أم الربحية؟ (Proctor, 2000, p. 114).
- القدرات: تشمل قدراته الإدارية، المالية، الإنتاجية، والتسويقية (Kotler & Keller, 2005, p. 239).
- الاستراتيجيات الحالية: كيف يتنافس المنافس؟ هل يعتمد على التفاضل السعري أم على جودة المنتج؟ (Drummond et al., 2008, p. 59).
- الاستجابات المحتملة: كيف يمكن للمنافس أن يستجيب لتحركات جديدة في السوق؟ وهل سيكون استجابته هجومية أم دفاعية؟ (Davidson, 1987b, p. 316).
على سبيل المثال، في حالة شركة كوكاكولا ، يمكن إنشاء ملف للمنافس الرئيسي بيبسي يوضح أن أهدافها تتركز على زيادة حصتها السوقية عبر تقديم منتجات جديدة واستخدام استراتيجيات تسويقية عصرية (Gilligan & Wilson, 2003, p. 176).
4. تحليل السلسلة القيمية (Value Chain Analysis)
تحليل السلسلة القيمية هو أداة تساعد الشركات على تحديد الأنشطة التي تضيف قيمة للعملاء مقارنة بالمنافسين (Porter, 1985, p. 63). يقسم هذا النموذج الأنشطة إلى نوعين رئيسيين:
- النشطة الأساسية (Primary Activities): تشمل العمليات الإنتاجية، التسويق، التوزيع، والخدمة بعد البيع. على سبيل المثال، يمكن لشركة إيكيا أن تقلل من تكاليف الإنتاج عن طريق نقل بعض الأنشطة إلى العملاء، مثل التركيب الذاتي للأثاث (Tomczak et al., 2018, p. 24).
- النشطة الداعمة (Support Activities): تشمل البنية التحتية، إدارة الموارد البشرية، التطوير التقني، وإدارة المشتريات. على سبيل المثال، يمكن لشركة غوغل أن تحقق ميزات تنافسية عبر استخدام تقنيات ذكاء الأعمال لتحسين عملياتها الداخلية (Proctor, 2000, p. 114).
يمكن استخدام هذا النموذج لتحديد المجالات التي تحتاج فيها الشركة إلى تحسين كفاءتها. على سبيل المثال، إذا كانت تكاليف التشغيل مرتفعة في النشطة الإنتاجية، فقد يكون الحل في تحسين العمليات أو البحث عن موردين جدد (Porter, 1985, p. 63). كما يمكن أن يساعد في تحديد المجالات التي يمكن للشركة أن تتميز فيها عن منافسيها، مثل تقديم خدمة عملاء أفضل أو تحسين جودة المنتجات (Wilson & Gilligan, 2005, p. 183).
مصادر جمع المعلومات عن المنافسين
في سياق تحليل المنافسة، تعتبر عملية جمع المعلومات عن المنافسين خطوة أساسية لتحقيق فهم شامل لبيئة السوق التنافسية. يمكن تصنيف مصادر هذه المعلومات إلى ثلاثة أنواع رئيسية: المصادر العامة ، المصادر الملاحظة ، والمصادر الفرصية . بالإضافة إلى ذلك، يلعب العملاء الحاليون والسابقون دورًا مهمًا في تقديم رؤى حول استراتيجيات وأداء المنافسين (Davidson, 1987a, p. 139).
1. مصادر المعلومات العامة
تتمثل المصادر العامة في البيانات التي تكون متاحة للجميع أو بسهولة كبيرة. من بين أهم هذه المصادر:
- التقارير السنوية : توفر التقارير السنوية للمنافسين معلومات قيمة حول أدائهم المالي، استثماراتهم المستقبلية، واستراتيجياتهم (Tomczak et al., 2018, p. 40). على سبيل المثال، يمكن للشركات استخدام التقارير السنوية لفهم كيف تخطط شركات مثل Google وAmazon لتوسيع نطاق أعمالها.
- البيانات المالية : تساعد البيانات المالية في تحديد القدرات الاقتصادية للمنافسين ومدى قدرتهم على دعم استراتيجياتهم طويلة الأمد (Dann & Dann, 2007, p. 101). يمكن للشركة مثلاً دراسة الهيكلة المالية لشركة Apple لمعرفة ما إذا كانت ستستمر في استثماراتها الكبيرة في البحث والتطوير.
- المجلات المتخصصة : توفر المجلات التجارية والمقالات الصحفية معلومات حول استراتيجيات المنافسين وتوجهاتهم المستقبلية (Proctor, 2000, p. 114). على سبيل المثال، قد تقدم مجلة مثل BusinessWeek تحليلًا عميقًا حول كيفية تعامل شركة Microsoft مع المنافسين الجدد.
2. مصادر المعلومات الملاحظة
تستند المصادر الملاحظة إلى مراقبة السلوك الفعلي للمنافسين وتحليل ردود أفعالهم تجاه التغيرات في السوق. من بين الأساليب المستخدمة:
- مراقبة السلوك العملائي : يمكن للشركة أن تدرس كيفية تعامل المنافسين مع العملاء، مثل تقديم عروض خاصة أو تحسين جودة الخدمات (Cravens & Piercy, 2009, p. 182). على سبيل المثال، قامت شركة McDonald’s بمراقبة كيفية تعامل Burger King مع العملاء الذين يطلبون خيارات صحية.
- تقييم الحملات الإعلانية : يمكن للمراقبة المباشرة للحملات الإعلانية للمنافسين أن توفر رؤى حول رسائلهم التسويقية وأهدافهم (Wilson & Gilligan, 2005, p. 183). على سبيل المثال، قارنت شركة Coca-Cola حملاتها الإعلانية مع تلك الخاصة لشركة Pepsi لتقييم مدى فعالية كل منهما.
3. مصادر المعلومات الفرصية
تتطلب المصادر الفرصية جهدًا أكبر نظرًا لأنها تتطلب تخطيطًا مسبقًا وتنفيذًا دقيقًا. من بين الأساليب المستخدمة:
- مقابلات العمق (Depth Interviews) : هي تقنية تستخدم لدراسة الدوافع والأولويات لدى العملاء (Tomczak et al., 2018, p. 156). على سبيل المثال، استخدمت شركة Moen مقابلات عمق لفهم احتياجات العملاء في مجال السباكة المنزلية.
- الأساليب الإسقاطية (Projective Techniques) : تساعد هذه الأساليب في كشف المخاوف والدوافع الضمنية لدى العملاء (Diasz, 2013, p. 63). يمكن استخدام تقنيات مثل Association Test أو Sentence Completion لاكتشاف الأسباب الحقيقية وراء اختيار العملاء لمنتجات معينة.
- التنقيب عن البيانات (Data Mining) : هو أسلوب يستخدم لتحليل كميات ضخمة من البيانات لاكتشاف الأنماط غير الواضحة (Kotler & Keller, 2005, p. 239). على سبيل المثال، استخدمت شركة Harrah’s Casinos التنقيب عن البيانات لاكتشاف أن العملاء الأكثر ولاءً هم من الفئات الوسطى والعليا الذين يستمتعون بلعب القمارين بدلاً من الرهان الكبير.
4. دور العملاء الحاليين والسابقين
يمكن أن يكون العملاء مصدرًا غنيًا بالمعلومات حول المنافسين. من خلال التعامل مع العملاء الحاليين والسابقين، يمكن للشركة أن تستخلص رؤى حول نقاط القوة والضعف لدى المنافسين (Porter, 1980, p. 7):
- العملاء الحاليون : يمكنهم تقديم معلومات حول مستوى الرض عن المنتجات أو الخدمات المقدمة من قبل المنافسين. على سبيل المثال، عملاء شركة Nestlé قد أعطوها رؤى حول نقاط القوة في منتجات Maxwell House .
- العملاء السابقون : يمثلون مصدرًا مهمًا لمعرفة الأسباب التي أدت إلى انتقالهم إلى منتجات أخرى (Diasz, 2013, p. 63). على سبيل المثال، عندما ترك العديد من العملاء شركة Blockbuster واختاروا خدمات البث الرقمي مثل Netflix ، كان ذلك بسبب عدم مرونة النموذج التجاري لـ Blockbuster .
تحديات تحليل المنافسة
فيما يلي أبرز تحديات تحليل المنافسة:
1. تحديات التعرف على المنافسين الحقيقيين
تُعد عملية تحديد المنافسين الحقيقيين أحد أكبر التحديات التي تواجه الشركات عند إجراء تحليل المنافسة. غالبًا ما تعتمد الشركات على دراسة المنافسين الحاليين فقط، مما يؤدي إلى إغفالها للمنافسين المحتملين الذين قد يدخلون السوق مستقبلاً باستخدام تقنيات أو منتجات جديدة (Porter, 1980, p. 7). على سبيل المثال، لم تدرك شركات الحاسبات الكبيرة مثل “IBM” و”HP” ظهور شركات الهواتف الذكية كبديل للكمبيوتر الشخصي، حيث استخدمت هذه الشركات تقنيات جديدة ومبتكرة لتلبية احتياجات العملاء بشكل أفضل وأكثر كفاءة (Tomczak et al., 2018, p. 40). هذا الإغفال أدى إلى فقدان العديد من شركات الحاسبات التقليدية حصتها السوقية لصالات الهواتف الذكية مثل “Apple” و”Samsung”، اللتين كانتا قادرتين على تقديم حلول متكاملة للعملاء.
من الأخطاء الشائعة أن تعتمد الشركات على رؤيتها الضيقة للصناعة دون الأخذ بعين الاعتبار المنافسين المحتملين الذين قد يدخلون السوق من خارج الصناعة التقليدية (Drummond et al., 2008, p. 59). على سبيل المثال، لم تكن شركات صناعة الساعات التقليدية مثل “Swatch” و”Rolex” قادرة على توقع ظهور الساعات الرقمية كبديل عن الساعات الميكانيكية، مما أثر سلبًا على صناعتهم بأكملها (Gilligan & Wilson, 2003, p. 176).
2. المبالغة في التقدير أو التقليل منه
تعاني بعض الشركات من مشكلة المبالغة في تقدير قدرات المنافسين أو العكس، أي التقليل من أهميتهم. قد تعتقاد بعض الشركات أن المنافسين الصغار ليس لديهم تأثير كبير، مما يؤدي إلى إغفالها لتهديداتهم المستقبلية (Davidson, 1987a, p. 139). على سبيل المثال، عندما دخلت شركات الطيران الاقتصادية مثل “easyJet” و”Ryanair” السوق الأوروبي، كانت شركات الطيران التقليدية غير مستعدة تمامًا لمواجهة هذا النوع الجديد من المنافسة (Wilson & Gilligan, 2005, p. 183).
رغم أن المنافسين الجدد كانوا يقدمون خدمات أقل تكلفة وأكثر جاذبية للعملاء، إلا أن شركات الطيران التقليدية مثل “British Airways” لم تقم بتقييم استراتيجياتهم بشكل صحيح أو بتعديل خططها الدفاعية (Cravens & Piercy, 2009, p. 182). هذا الخطأ أدى إلى فقدان العديد من شركات الطيران التقليدية حصتها السوقية لصالات الطيران الاقتصادية بسبب عدم الاستعداد لمواجهتهم.
3. القضايا الأخلاقية في جمع المعلومات
تواجه الشركات العديد من التحديات الأخلاقية عند جمع المعلومات عن المنافسين. بينما يمكن استخدام المصادر العامة والملاحظة لجمع المعلومات بشكل أخلاقي، فإن الأساليب الفرصية مثل التجسس أو استخدام أساليب غير أخلاقي قد تؤدي إلى مشاكل قانونية وسمعة سيئة (Davidson, 1987b, p. 316).
على سبيل المثال، تعرضت شركة “British Airways” لانتقاد كبير بعد أن استخدمت بيانات نظام الحجز الخاص بها للتنصت على حركات منافستها “Virgin Atlantic”. استخدمت “British Airways” أيضًا تقنيات غير أخلاقي لإعادة توجيه الركاب من رحلات “Virgin” إلى رحلاتها الخاصة، مما أثار غضب المنافس والعملاء (Cornish, 2004, p. 294).
في حالة أخرى، قامت شركة “Moen” المتخصصة في أدوات السباكة بدراسة كيفية استخدام العملاء لمنتجات المنافسين عبر التنقيب عن البيانات (Data Mining) واستخدام أساليب عميقة مثل مقابلات العمق (Depth Interviews) وتقنيات إسقاطية (Projective Techniques) (Czepiel, 1992, p. 158). بينما تعتبر هذه الأساليب فعالة، إلا أنها قد تتجاوز حدود الأخلاق إذا لم يتم تنظيمها بشكل صحيح.
استراتيجيات تسويقية بناءً على تحليل المنافسة
هناك 3 استراتيجيات تسويقية بناءً على أساس تحليل المنافسة. وهي:
1. استراتيجية التميز (Differentiation Strategy)
يمكن لتحليل المنافسة أن يلعب دورًا أساسيًا في تحديد مجالات التميز التي يمكن للشركة التركيز عليها لتحقيق ميزة تنافسية مستدامة. وفقًا لـ Porter (1980, p. 7)، فإن استراتيجية التميز تعتمد على تقديم منتج أو خدمة فريدة توفر قيمة مضافة للعملاء، مما يجعلهم أكثر استعدادًا لدفع سعر أعلى مقابلها. لتحديد هذه المجالات، يجب على الشركة دراسة نقاط القوة والضعف لدى المنافسين وتحديد العناصر التي لا يتمكنون من تقليدها بسهولة.
على سبيل المثال، قامت شركة Sony باستخدام تحليل المنافسة لتحسين تصاميم منتجاتها مثل سلسلة “Walkman”، مما أد إلى تقليل عدد الأجزاء بنسبة 50% وتقليل زمن التصنيع (Tomczak et al., 2018, p. 40). هذا النوع من الاستراتيجية يتطلب من الشركة أن تكون قادرة على تقديم حلول غير تقليدية تلبي احتياجات العملاء بشكل أفضل من المنافسين. كما أشار Davidson (1997, p. 139)، فإن التميّز قد يكون في الجودة، الخدمات بعد البيع، أو حتى الصورة الذهنية المرتبطة بالعلامة التجارية.
2. استراتيجية التكلفة الأدنى (Cost Leadership Strategy)
يمكن لتحليل المنافسة أيضًا أن يساعد الشركات على تحقيق استراتيجية التكلفة الأدنى من خلال تحديد المجالات التي يمكن فيها تخفيض التكاليف دون المساومة على القيمة. وفقًا لـ Drummond et al. (2008, p. 59)، فإن استراتيجية التكلفة الأدنى تعتمد على تقديم منتجات أو خدمات بأرخص الأسعار مع الحفاظ على جودة كافية لتلبية احتياجات العملاء.
على سبيل المثال، استخدمت شركة IKEA تحليل السلسلة القيمية لتحديد الأنشطة التي يمكن نقلها إلى العملاء، مثل التجميع الذاتي للأثاث، مما أد إلى تخفيض كبير في التكاليف (Tomczak et al., 2018, p. 24). هذا النوع من الاستراتيجية يتطلب من الشركة أن تكون قادرة على تحديد نقاط الضعف لدى المنافسين المتعلقة بتكلفة الإنتاج أو التشغيل (Proctor, 2000, p. 114). كما يمكن استخدام تحليل المنافسة لتحديد ما إذا كانت هناك فرص لاستخدام التقنيات الجديدة أو تحسين العمليات الداخلية لتخفيض التكاليف.
3. استراتيجية التركيز (Focus Strategy)
تعتمد استراتيجية التركيز على اختيار شرائح سوقية صغيرة ولكنها مرتفعة الربحية واستهدافها بشكل رئيسي. وفقًا لـ Kotler & Keller (2005, p. 239)، فإن هذه الاستراتيجية تتطلب من الشركة أن تفهم احتياجات الشرائح السوقية المختلفة وأن تركز على تلك التي يمكنها تقديم قيمة مضافة لها. يمكن لتحليل المنافسة أن يساعد في تحديد الشرائح السوقية الأكثر ربحية من خلال دراسة حصة السوق لكل منافس وأداءه المالي.
على سبيل المثال، عندما دخلت شركة P&G سوق المنظفات، اختارت التركيز على شريحة السوق التي تبحث عن جودة عالية وخدمة عملاء ممتازة بدلاً من استهداف السوق الواسع (Drummond et al., 2008, p. 59). هذا النوع من الاستراتيجية يمكن أن يمكّن الشركة من تفادي المنافسة الشديدة مع اللاعبين الكبار في السوق من خلال تقديم حلول موجهة لشرائح معينة (Diasz, 2013, p. 63).
الخاتمة:
في ظل التغيرات السريعة التي تشهدها الأسواق الحديثة، أصبح تحليل المنافسة أداة أساسية لتحقيق النجاح التنافسي المستدام. يركز هذا المقال على تقديم شرح شامل ومتكامل لعملية تحليل المنافسة وأهميتها في صياغة استراتيجيات تسويقية فعّالة. بدأنا بتعريف مفهوم تحليل المنافسة كجزء من التسويق الاستراتيجي، مستعرضين أهميته في تحديد نقاط القوة والضعف لدى المنافسين وفهم استراتيجياتهم الحالية والمستقبلية.
تطرّقنا بعد ذلك إلى مستويات مختلفة من التحليل التنافسي، بما في ذلك المنافسة المباشرة وغير المباشرة والمحتملة. أكدنا على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار ليس فقط المنافسين الحاليين، بل أيضًا المحتملين الذين قد يدخلون السوق مستقبلاً باستخدام تقنيات جديدة أو نماذج أعمال مبتكرة. كما استعرضنا كيف يمكن للشركات أن تواجه المنافسة غير المباشرة عبر تقديم قيمة مضافة للعملاء أو عبر تحسين عملياتها الداخلية.
ثم تناولنا أدوات تحليل المنافسة المختلفة، مثل نموذج القوى الخمس لبورتر الذي يساعد الشركات على فهم هيكل التنافس داخل الصناعة. كذلك، تم شرح كيفية استخدام تحليل المجموعات الاستراتيجية لتصنيف الشركات بناءً على استراتيجياتها وأهدافها، مما يمكّن الشركات من تحديد المنافسين الرئيسيين وتجنب إغفال الفرص أو التهديدات المحتملة.
وفي الجزء المتعلق بمصادر جمع المعلومات عن المنافسين، أشرنا إلى أهمية استخدام المصادر العامة والملاحظة والفرصية لجمع بيانات دقيقة حول المنافسين. كما ناقشنا دور العملاء الحاليين والسابقين في تقديم رؤى حول السلوكات التنافسية للمنافسين، مع التركيز على أهمية الأخلاق في جمع هذه المعلومات.
أخيرًا، تطرقنا إلى استراتيجيات تسويقية يمكن بناؤها بناءً على تحليل المنافسة، مثل استراتيجية التميز والتكلفة الأدنى والتركيز. كل منها يتطلب فهمًا دقيقًا للمنافسين وسلوكاتهم لتتمكن الشركة من وضع خطط هجومية ودفاعية فعّالة.
باختصار، فإن تحليل المنافسة ليس مجرد عملية تخطيطية بل هو أسلوب حياة للشركات التي تسعى إلى تحقيق النجاح المستدام. يجب على الشركات أن تكون مستعدة دائمًا لمواجهة التهديدات الجديدة والتكيف مع التغيرات البيئية والصناعية. كما أن الأخذ بعين الاعتبار العوامل الأخلاقية أثناء جمع المعلومات يعزز من سمعتها ويحميها من المشاكل القانونية.
قائمة المراجع