مفهوم الإدارة الاستراتيجية

أعزائي الطلبة / القراء..

 تخيلوا معي أنكم في سباق لا تعرفون نقطة النهاية فيه ولا حتى المسار الصحيح! بدون خريطة ولا بوصلة، كيف تتوقعون أن تصلوا؟ ستدورون في دوائر، تضيعون الوقت والموارد، بينما المنافسين الذين يعرفون اتجاههم يحصدون الجوائز. هذا بالضبط حال الشركات التي تفتقر إلى الإدارة الاستراتيجية. مثل سفينة تبحر بلا خريطة في بحر عاصف، قد تتعثر، قد تفشل، أو ربما لن تصل إلى أي مكان على الإطلاق. لكن هنا يأتي دور الإدارة الاستراتيجية، فهي ليست مجرد خطة تضعها على الورق، بل هي خارطة طريق حية، تساعد المنظمات على مواجهة التحديات، استغلال الفرص، وضمان استمرارية النجاح.

في هذه المحاضرة، سنغوص عميقًا في مفاهيم الإدارة الاستراتيجية. سنتناول معنى الاستراتيجية، جذورها العسكرية، وكيف انتقلت من ساحات الحروب إلى ميدان الأعمال. سنناقش تعريف الادارة الاستراتيجية وانشطتها الرئيسية ، وصولا إلى  أهدافها وأهميتها في في نجاح الاعمال وتفوقها . لذا اطلب منكم الاستمرار في متابعة  رحلتنا  الشيّقة مع  مفهوم الإدارة الاستراتيجية.

تعريف الاستراتيجية

اشتقت كلمة الاستراتيجية Strategy من الكلمة اليونانية ستراتيجيوس Strategos ، وهي تعني فن القيادة أو فن الحرب، وعلى هذا النحو فهي ترتبط بالمهام العسكرية المناطة بمفهوم الاستراتيجية.

وانطلاقاً من الجذور العسكرية لمفهوم الاستراتيجية يعرفها قاموس ویبستر (Webesters new dictionary ) على أنها علم ترجمة وتخطيط العمليات الحربية.

لقد تعددت استخدامات الاستراتيجية حتى إنها شملت العديد من العلوم والميادين ولم يعد استخدامها قاصراً على الحالات العسكرية،  بل نجده قد امتد اليوم إلى كافة العلوم الاجتماعية كعلم ( السياسة ، الاقتصاد ، الاجتماع ، الإدارة … الخ ) .

 أي أن جوهر الاستراتيجية يتمثل في مسايرة حالات القوة والكفاءة المتميزة في ميدان الأعمال بالطريقة التي تتمتع بها دائرة العمل الخاصة بميزة تنافسية على الخصوم المتنافسة في نفس الميدان.

 في المجال العسكري، فالأوامر الاستراتيجية هنا تحتم على القادة أن يختاروا ميدان المعركة المواتي لحالات القوة، والإمكانات الخاصة باستعدادهم وفي نفس الوقت غير المواتية لأعدائهم. أما في ميدان منظمات الأعمال، فهي تهدف إلى تحقيق مجاراة مواتية بين الكفاءة المتميزة للمنظمة والبيئة الخارجية التي تتنافس في إطارها مع غيرها.

إذاً فالاستراتيجية هي : ” تحديد المنظمة لأهدافها وغاياتها على المدى البعيد وتخصيص الموارد لتحقيق هذه الأهداف والغايات وإن عملية تخصيص الموارد أو إعادة تخصيصها تعد من مسؤولية الإدارة العليا ” .

  كما أن الاستراتيجية حسب بورتر Porter هي : ” عملية تكوين وضع منفرد للمنظمة ذي قيمة لعملائها من خلال تصميم مجموعة أنشطة مختلفة عما يؤديه المنافسون”.

وبنفس السياق يرى تومبسون Thompson الاستراتيجية من خلال إطارين: يسمى الأول بالاستراتيجية التنافسية التي تتعلق ببناء الميزة التنافسية وصياغتها في كل قطاع أعمال تعمل فيه المنظمة، ويمكن أن يتحقق ذلك إما بالتركيز على قطاع أعمال معين أو منتجات / خدمات أو مستهلكين معينين، وهذا ما يتفق مع وجهة نظر بورتر. ويتعلق الإطار الثاني بتحديد قطاع الأعمال الذي يجب أن تدخله المنظمة، وكيفية جمع وهيكلة الأنشطة المطلوبة للدخول في ذلك القطاع، وطريقة إدارتها بشكل ناجح، ويدعى هذا الإطار باستراتيجية المنظمة.

وفي علم الإدارة عرفها (Tomas ) بأنها “خطط وأنشطة المنظمة التي يتم وضعها بطريقة تضمن خلق درجة من التطابق بين رسالة المنظمة وأهدافها، وبين هذه الرسالة والبيئة التي تعمل بها بصورة فعالة وذات كفاءة عالية. أو هي مجموعة القرارات الهامة التي يتخذها الاستراتيجيون من المديرين ومستشاريهم الإدارة الاستراتيجية من أجل تحقيق رسالة وأهداف المنظمة.

وتعرف الاستراتيجية بأنها ” هي نمط لأهم الأهداف والغايات والسياسات والخطوط الحيوية، لتحقيق تلك الأهداف تصاغ بطريقة مالكي تعرف ما هو العمل الذي تقوم به الشركة، وتريد أن تكون فيه والمشكل الذي تريد أن تصبح عليه“.

وتعرف الاستراتيجية على أنها : مجموعة من الإمكانيات العملية المستعملة بترابط فيما بينها لتحقيق بعض الأهداف ضد بعض الخصوم، والخصوم في ميدان التسويق هم المنافسون المباشرون أو غير المباشرين.

جيم كولينز

تعريف الإدارة الاستراتيجية:

مفهوم الإدارة الاستراتيجية  مفهوم أساسيّ في عالم الأعمال المعاصر، وعلى الرغم من سهولة النطق به، فإنّ فهمه يشكّل تحدّيًا للكثيرين. سأحاول بقدر الإمكان أن أُبسط المفهوم و أُعرّفكم على أهمّ مبادئه من خلال عرض مجموعة من التعريفات التي قدمها خبراء ومؤلفين في هذا المجال.

الإدارة الاستراتيجية: أكثر من مجرد تخطيط:

لا يمكننا ادراك مفهوم الإدارة الاستراتيجية دون تعريفها أولاً. سنبدأ مع هذا التعريف:

  • هي فن وعلم تشكيل وتنفيذ وتقييم القرارات الوظيفية المتداخلة التي تمكن المؤسسة من تحقيق أهدافها.”

يركز هذا التعريف على طبيعة الإدارة الاستراتيجية كعملية متكاملة، لا تقتصر على وضع خطط فقط، بل تتضمن تنفيذ هذه الخطط و تقييمها بشكل دقيق. و من خلال التكامل بين مختلف وظائف المؤسسة، مثل التسويق و التّمويل و الإنتاج و البحث و التّطوير و أَنظمة المعلومات، تُصبح المؤسسة قادرة على تحقيق أهدافها بشكل أكثر فاعلية.

  •  نعريف الادارة الاستراتيجية ل (Jauch & Glueck) : “سلسلة من القرارات والأفعال التي تقود إلى تطوير استراتيجية فعالة لتحقيق أهداف المنظمة.”

يركز هذا التعريف على أهمية العمل العملي في الإدارة الاستراتيجية و ضرورة تحويل الأفكار والتصورات إلى أفعال ملموسة تساهم في تنفيذ الاستراتيجية. كما يشدد على ضرورة تقييم نتائج الاستراتيجية وتعديلها عند الحاجة.

  • تعريف الادارة الاستراتيجية ل (Higgins): “عملية مبادرة وفعل أكثر من مجرد تخطيط للعمل، أي هي العملية الإدارية التي تستهدف إنجاز رسالة المنظمة من خلال إدارة وتوجيه علاقات المنظمة مع بيئتها.”

يُبرز هذا التعريف أهمية المبادرة و التفاعل بين المنظمة و بيئتها الخارجية. ويُشير إلى ضرورة تحديد الفُرص و التحديات التي تُقدمها البيئة الخارجية و تطوير استراتيجيات للتعامل معها بفاعلية.

  •  تعريف الادارة الاستراتيجية ل (Fred R. David): “صياغة وتطبيق وتقويم التصرفات والأعمال التي من شأنها تمكين المنظمة من وضع أهدافها موضع التنفيذ.”

ُركز هذا التعريف على الجانب العملي في الإدارة الاستراتيجية ويُشدد على أهمية تحويل الأهداف إلى أفعال ملموسة و إلى خطوات واضحة و قابل للقياس.

ألفريد د. تشاندلر

  • تعريف شاندلر للادارة الاستراتيجية  :(Chandler) “تحديد المنظمة لأهدافها وغاياتها على المدى البعيد، وتخصيص الموارد لتحقيق هذه الأهداف والغايات.”

يُشدد هذا التعريف على أهمية التخطيط و تحديد الأهداف و تخصيص الموارد لتحقيقها و ضرورة إدارة الموارد بفاعلية و كفاءة.

ومن جملة ما تقدم، فإن الإدارة الاستراتيجية هي :

الإدارة الاستراتيجية هي العملية التي تتضمن تصميم وتنفيذ وتقييم القرارات ذات الأثر طويل الأجل، والتي تهدف إلى زيادة قيمة المنظمة من وجهة نظر العملاء المساهمين والمجتمع ككل.

الأنشطة الاساسية ل الإدارة الاستراتيجية
الأنشطة الاساسية للإدارة الاستراتيجية

الخصائص الرئيسية للإدارة الاستراتيجية

تتميز الإدارة الاستراتيجية بالخصائص التالية:

  1. الاستشرافية: تتعامل عملية الإدارة الاستراتيجية مع الأحداث المستقبلية وعواقبها، مما يتطلب من المديرين التنفيذيين امتلاك منظور طويل الأجل لصنع القرارات. تسعى الإدارة الاستراتيجية إلى مسح المستقبل الواسع للشركة باستخدام سيناريو مؤسسي مكتوب. في جوهرها، تتضمن التخطيط الاستراتيجي استباق الأحداث المستقبلية.
  2. الأثر طويل المدى: تشمل الإدارة الاستراتيجية فترات زمنية طويلة، غالبًا ما تتجاوز خمس سنوات. وهي تسعى إلى التنبؤ بالأحداث على المدى الطويل وتحليل التأثير المحتمل لهذه الأحداث على الشركة.
  3. العملية التكرارية: يجب أن تكون الإدارة الاستراتيجية عملية مستمرة ومتكررة لتكون فعالة. يتم تطوير خطة استراتيجية جديدة أثناء تنفيذ الخطة الحالية. عادةً ما يتم اعتماد وتحسين الخطط الجديدة بناءً على الملاحظات التي تم الحصول عليها خلال مرحلة التنفيذ.
  4. المنهجية والعقلانية: تتميز المنهجية باستخدام التخطيط المنظم أو باستخدام نهج منظم، في حين أن العقلانية تعني امتلاك القدرة على التفكير المنطقي والعاطفي. وبالتالي، فإن الإدارة الاستراتيجية هي عملية منهجية وعقلانية لأنها تتكون من معالجة مدخلات القرار بشكل منهجي، مما يؤدي إلى مخرجات عقلانية ومتوقعة.
  5. الوظيفة المتكاملة: يشمل التكامل مفهوم الجمع بين جميع الأجزاء لخلق الكل، أي إنشاء “مجموعة من السياسات والأساليب التي يستخدمها الإدارة لتسهيل الاتصالات وتنسيق أنشطة الأفراد أو المجموعات داخل الشركة”. وبالتالي، فإن عملية الإدارة الاستراتيجية بمثابة أساس للأنشطة والوظائف الأخرى للشركة، مثل التنظيم، التوظيف، والرقابة.
  6. وسيلة لتحقيق غاية: الإدارة الاستراتيجية ليست غاية في حد ذاتها. إنها وسيلة أو أداة تستخدم لتحقيق أهداف الشركة.
  7. المخاطر العالية: نظرًا للطبيعة طويلة الأجل والنطاق التنظيمي الواسع للإدارة الاستراتيجية، فإن القرارات الاستراتيجية تنطوي بطبيعتها على الالتزام طويل الأجل بجزء كبير من موارد المؤسسة.

الأنشطة الأساسية للإدارة الاستراتيجية:

تمثل الإدارة الاستراتيجية بوصلةً توجهُّ المنظمات نحو تحقيق أهدافها الطموحة وضمان نجاحٍ مُستدامٍ في بيئة أعمالٍ مُتغيّرةٍ وتنافسية. وتُعدُّ عمليةً شاملةً تتطلّب تضافر جهود مختلف المستويات الإدارية، بدءًا من تحديد الرؤية وصولًا إلى تقييم الأداء وإجراء التعديلات اللازمة.

1.تحديد هوية المنظمة ورؤيتها المستقبلية:  تبدأ رحلة الإدارة الاستراتيجية بتحديدهوية المنظمة ورؤيتها المستقبلية. يتم ذلك من خلال صياغة رؤية واضحة تجسد الصورة التي تسعى المنظمة إلى تحقيقها على المدى الطويل، و رسالة تُحدد سبب وجودها والقيمة التي تقدمها للمجتمع. تُترجم هذه الرؤية والرسالة إلى أهداف محددة وقابلة للقياس، تُشكّل البوصلة التي توجهُّ جهود المنظمة.

2. تحليل البيئة الداخلية والخارجية: بعد تحديد الوجهة، يأتي دور تحليل البيئة الداخلية والخارجية. فمن خلال تقييم البيئة الداخلية، تُحدد نقاط القوة التي يُمكن البناء عليها ونقاط الضعف التي تحتاج إلى معالجة. ويتضمن ذلك تقييم الموارد البشرية، والتكنولوجيا، والإمكانيات المالية، وغيرها.

أما تحليل البيئة الخارجية، فيتم من خلال دراسة الفرص والتهديدات التي تُحيط بالمنظمة، بما في ذلك العوامل الاقتصادية، والمنافسين، واحتياجات العملاء، والتطور التكنولوجي.

3. صياغة الاستراتيجية:  وبناءً على تحليل البيئة ورؤية المنظمة، تبدأ مرحلة صياغة الإستراتيجيات. يتم ذلك من خلال اقتراح مجموعة من البدائل الاستراتيجية المُحتملة لتحقيق الأهداف، ثم تقييم كل بديلٍ بناءً على معايير مُحددة، مثل المخاطر والعائد المتوقع ومدى ملاءمته لإمكانيات المنظمة. وأخيرًا، يتم اختيار الإستراتيجية الأمثل التي تحقق أفضل توازن بين المخاطر والعائد.

4. تنفيذ الاستراتيجية: لا تُعدُّ صياغة الاستراتيجية سوى نصف الطريق، فالأهم هو تنفيذ الاستراتيجية على أرض الواقع. يتطلّب ذلك تحديد المهام والمسؤوليات المطلوبة لتنفيذ الاستراتيجية بدقة وتوزيعها بوضوح على الأفراد والأقسام. كما يتطلب تخصيص الموارد المالية والبشرية والمادية اللازمة لضمان نجاح التنفيذ. ويتم متابعة التقدّم بشكلٍ دوريٍ لضمان التزام الجميع بخطة العمل.

5. تقييم ومراقبة الاستراتيجية:  أخيرًا، تأتي مرحلة التقييم والتحكم لضمان تحقيق النتائج المرجوّة. يتم ذلك من خلال قياس الأداء بشكلٍ دوريٍّ ومقارنته بالأهداف المحددة. وفي حال وجود أي انحرافات، يتم تحليل أسبابها لاتخاذ الإجراءات التصحيحية وإجراء التعديلات اللازمة على الاستراتيجية أو خطط التنفيذ.

بيتر دراكر

تُعدُّ جميع هذه الأنشطة أساسيةً لنجاح الإدارة الاستراتيجية، حيثُ يُساهم كلٌّ منها في تحقيق التكامل والتناغم بين مختلف عناصر العمل داخل المنظمة.

أهداف الإدارة الاستراتيجية
أهداف الإدارة الاستراتيجية

أهداف الإدارة الاستراتيجية :

إن الهدف هو النهاية العامة المرغوبة التي توجه الجهود نحوها، وعليه فإن الأهداف عموماً هي ما تسعى المنظمة لتحقيقه على أن تكون هذه الأهداف قابلة للقياس والتحديد والبساطة والوضوح في صياغتها، ويمكن تصنيفها حسب الفترة الزمنية بـ:

طويلة – متوسطة – قصيرة.

 كما تقسم من حيث تأثيرها إلى:  أهداف عامة، – أهداف إداراتأهداف أقسام.

إذ تساعد عملية تحديد الأهداف في تحقيق الجوانب التالية:

أ. تحديد بيئة المنظمة وشرعيتها القانونية .

ب. تحديد رسالة المنظمة.

ج. التنسيق بين مراكز اتخاذ القرارات.

د. تقويم الأداء.

مما تقدم لابد من التأكيد على أن الهدف يعبر عن وصف حالة مستقبلية تسعى المنظمة للوصول إليها، ومن الضروري أن تكون الأهداف واضحة ودقيقة ومرنة وشاملة ومكتوبة وقابلة للتطبيق والقياس. وهذه الخصائص يمكن تحقيقها من خلال دراسة تحليل  أبعاد الأهداف وهي :

1. الكيفية، أي كيف تتكون صفات وخصائص الأهداف.

2. الزمن، أي الفترة الزمنية التي تغطيها الأهداف.

3 المسؤولية ، أي مسؤولية المشرفين على تحقيقها

4 المدى، ويمثل التعبير عن مستوى الطموح والفكر الواقعي والأداء، والتحقيق على قدر استطاعة المنظمة.

5 التغيير، ونقصد به الأهداف التي ليس لها شكل ثابت، ويعاد النظر بها إذا تغير المشتركون في وضعها وإذا تغيرت أهداف الأفراد، أو إذا تغيرت ظروف البيئة.

أهمية الإدارة الاستراتيجية
أهمية الإدارة الاستراتيجية

أهمية الإدارة الاستراتيجية:

في خضمّ المنافسة الشديدة والتغيرات المتسارعة التي يشهدها عالمنا اليوم، لم يعد يكفي أن تقوم المنظمات “بتنفيذ الأشياء بطريقة صحيحة” فحسب، بل أصبح لزامًا عليها أن تُركز على “تنفيذ الأشياء الصحيحة” لتحقيق النجاح المنشود. وهنا تبرز أهمية الإدارة الاستراتيجية كمنهجٍ يُمكنّ المنظمات من التفوق والتميز والنجاح.

لقد أشارت العديد من الدراسات إلى أن المنظمات التي تقوم بعمليات التخطيط الاستراتيجي حققت أداءً أعلى من المنظمات التي تعتمد على عمليات التخطيط التقليدي. ويعتقد المديرون أن التخطيط الاستراتيجي يقود إلى النجاح والتميز …

وكانت من أهم نتائج تطبيق الإدارة الاستراتيجية في المنظمات زيادة حجم المبيعات معدل العائد على الملكية وتوزيعات الأسهم، وأسعار الأسهم، والعائد على رأس المال. من هنا نلاحظ أن الإدارة الاستراتيجية تساعد المنظمة في:

أولًا: اكتشاف الطريق في بحر التغيرات:

تعيش المنظمات اليوم في بيئةٍ ديناميكيةٍ تتّسم بالتعقيد وعدم اليقين. وهنا تأتي الإدارة الاستراتيجية لتُساعد المنظمات على فهم هذه البيئة المُتغيّرة وتوقّع التحديات والفرص المُستقبلية، مما يُساهم في تحديد الاتجاه الصحيح واتخاذ القرارات الاستباقية بدلاً من مجرد ردّ الفعل.

ثانيًا: توظيف الموارد بكفاءة وتركيز:

تُعدُّ الموارد محدودة لدى جميع المنظمات، سواء كانت هذه الموارد مالية أو بشرية أو مادية. وتُساعد الإدارة الاستراتيجية على توجيه هذه الموارد بشكلٍ أمْثَل نحو الأولويات الاستراتيجية التي تُحددها المنظمة، مما يُعزز من كفاءة الأداء ويُحقق أفضل عائد مُمكن.

ثالثًا: بناء القدرة على التكيّف والتحوّل:

لا تقتصر الإدارة الاستراتيجية على وضع الخُطط للوصول إلى حالةٍ مستقبليةٍ ثابتة، بل تُركز أيضًا على بناء منظمةٍ مرنةٍ وقادرةٍ على التكيّف مع التغيرات المُستمرة. فهي تُساعد على بناء ثقافةٍ داخليةٍ تُشجع على التعلّم والتطوير المُستمرّ، مما يُمكنّ المنظمة من مواجهة التحديات واغتنام الفرص بشكلٍ فعّال. وتعمل على استباق التحديات واغتنام الفرص من خلال مواجهة المخاطر بشكل استباقي وتحديد المُخاطر المُحتملة بشكلٍ مُبكّر، واتخاذ التدابير اللازمة للحدِّ منها أو تجنّبها.

رابعًا: تعزيز التنافسية وتحقيق التميّز:

في عالم تشتدُّ فيه المنافسة، يُصبح من الضروري على المنظمات أن تُميّز نفسها عن غيرها لتحقيق النجاح. وتُساعد الإدارة الاستراتيجية على تحديد المزايا التنافسية الفريدة التي تتمتّع بها المنظمة وتوظيفها بشكلٍ فعّال لِتُصبح الأفضل في مجالها.

مايكل بورتر

خامسًا: تحقيق التوافق والتكامل داخل المنظمة:

تُساهم الإدارة الاستراتيجية في توحيد جهود جميع أفراد المنظمة وتوجيهها نحو تحقيق رؤية ومهمة واحدة، مما يُعزز من روح الفريق وتماسكه.

وبناء على ما سبق، يمكننا أن نشير إلى إنَّ الإدارة الاستراتيجية ليست مجرد مُصطلحٍ أكاديميٍّ أو مجموعة من الأدوات والتقنيات، بل هي عقليةٌ وطريقة تفكيرٍ تُساعد المنظمات على التخطيط لِمستقبلها بشكلٍ استباقيٍّ ومُبتكر، وتُمكنّها من تحقيق أهدافها الطموحة في ظلّ التحديات والتغيرات المُتسارعة.

الخاتمة:

لقد وصلنا معًا إلى نهاية رحلتنا في عالم الإدارة الاستراتيجية، والتي تعرّفنا خلالها على مفهومها وأهميتها ودورها الجوهري في نجاح المنظمات، و لكن دعونا قبل أن نختتم محاضرتنا أن نُلقي نظرةً أعمق على ما تعلّمناه:

  • الإدارة الاستراتيجية ليست مجرد مُصطلحٍ أكاديميٍّ: بل هي عقليةٌ وطريقة تفكير تُساعد المنظمات على التخطيط لِمستقبلها بشكلٍ استباقيٍّ، وتُمكنّها من تحقيق أهدافها الطموحة في ظلّ التحديات والتغيرات المُتسارعة.
  • العملية الاستراتيجية ليست حدثًا عابرًا: بل هي عملية مستمرة تتطلّب المُتابعة والتقييم وإجراء التعديلات اللازمة بناءً على المُتغيرات الداخلية والخارجية.
  • الإدارة الاستراتيجية ليست حِكرًا على الإدارة العليا: بل هي مسؤوليةٌ جماعيةٌ تتطلّب مُشاركة جميع أفراد المنظمة، كلٌّ حسب موقعِهِ ودوره.
  • الإدارة الاستراتيجية ليست ضمانًا للنجاح بنسبة 100%: بل هي مُمكّنٌ رئيسيٌّ يُعزز من فُرص نجاح المنظمة ويُساعدها على التفوّق والتنافسية.

أتمنى أن تكون هذه المحاضرة قد أضافت قيمة إلى معرفتكم،.. انتظرونا في محاضراتنا التالية المتعلقة بمقياس إدارة الاستراتيجية.

المراجع/ المصادر: