تُعدّ استراتيجية التسعير من أهمّ القرارات التي تتخذها الشركات، حيث تؤثّر بشكل مباشر على الأرباح وحصة السوق وصورة العلامة التجارية. تُساعد استراتيجيات التسعير الفعّالة الشركات على تحقيق أهدافها وتحقيق النجاح في السوق.
في هذا المقال، سنناقش أهمّ العوامل المؤثّرة على استراتيجية التسعير، وأنواع استراتيجيات التسعير المختلفة، وكيفية اختيار استراتيجية التسعير المناسبة لعملك.
جدول المحتويات
تعريف استراتيجية التسعير:
عرّف Gabor Andre استراتيجية التسعير على أنها “قبول مبادئ التسعير في حالات التطبيق لها وعلى مدار الفترة الزمنية”.
بمعنى آخر، يجب أن تتماشى استراتيجية التسعير مع الواقع الفعلي في السوق وأن تتوافق مع ظروفه واحتياجاته.
ففي حال تعارضت استراتيجية التسعير مع ظروف السوق، قد ينفر المستهلكون من شراء المنتج، مما يُؤثّر سلبًا على أهداف الشركة.
تحديد اهداف التسعير:
تُعدّ أهداف التسعير من أهمّ العوامل التي يجب على الشركات مراعاتها عند وضع استراتيجية التسعير في ظل تصميم استراتيجية التسويق. تتنوع هذه الأهداف وتختلف باختلاف احتياجات الشركات وظروفها، وتشمل بشكل عام:
- · أهداف متعلقة بالربح: تعظيم الربح، تحديد نسبة عائد محددة على الاستثمار، تحديد نسبة عائد محددة على المبيعات.
- · أهداف متعلقة بالمبيعات: زيادة حصة السوق، الحفاظ على حصة السوق.
- · أهداف متعلقة بالبقاء: تغطية التكاليف.
- · أهداف متعلقة بالمنافسة: مواجهة المنافسة.
- · أهداف متعلقة بالجودة: ربط السعر بالجودة.
- · أهداف متعلقة بتخفيض الطلب: رفع السعر لتقليل الاستهلاك.
- · أهداف متعلقة باستقرار السوق: الحفاظ على استقرار الأسعار (وضع سعر أقل لكن ثابت على الأجل الطويل).
أنواع استراتيجيات التسعير:
كما ذكرنا سابقًا، تُعدّ أهداف التسعير المختلفة حجر الأساس لبناء استراتيجية تسعير فعّالة. وتأتي بعد ذلك خطوة اختيار استراتيجيات التسعير المناسبة التي تُساعد على تحقيق هذه الأهداف.
تتوفر العديد من استراتيجيات التسعير التي يمكن للمنشأة الاختيار من بينها لتسعير منتجاتها. وتنقسم هذه الاستراتيجيات إلى قسمين رئيسيين:
أ. استراتيجيات تسعير المنتجات الجديدة:
يُعدّ تسعير المنتجات الجديدة من أكثر القرارات صعوبةً التي تواجهها الشركات، وذلك لِغياب منتجات مشابهة في السوق للمقارنة بها، ونقص المعلومات حول حجم وطبيعة الطلب المُتوقّع على المنتج الجديد.
وفيما يلي بعض أهمّ استراتيجيات تسعير المنتجات الجديدة:
1. استراتيجية كشط السوق :
استراتيجية كشط السوق هي استراتيجية تسعير تُستخدم لتحديد سعر مرتفع للمنتجات الجديدة في بداية طرحها في السوق، وذلك بهدف تحقيق هامش ربح مرتفع واسترداد تكاليف البحث والتطوير بسرعة.
مميزات استراتيجية كشط السوق:
تتميز استراتيجية كشط السوق بما يلي:
- تحقيق هامش ربح مرتفع.
- استرداد تكاليف البحث والتطوير بسرعة.
- بناء علامة تجارية قوية.
شروط استراتيجية كشط السوق:
تتمثل شروط استراتيجية كشط السوق فيما يأتي:
- منتج ذو خصائص فريدة ومميّزة.
- شريحة من المستهلكين مستعدّة لدفع سعر مرتفع.
- قلة المنافسة في بداية طرح المنتج.
2. استراتيجية اختراق السوق
هي إستراتيجية تسعير تُستخدم لتحديد سعر منخفض للمنتجات الجديدة في بداية طرحها في السوق، وذلك بهدف تحقيق نموّ سريع في المبيعات واكتساب حصة سوقية كبيرة.
مميزات استراتيجية اختراق السوق:
تتمثل مميزات استراتيجية اختراق السوق فيما يأتي:
- تحقيق نموّ سريع في المبيعات.
- اكتساب حصة سوقية كبيرة.
- منع دخول المنافسين إلى السوق.
- تحقيق اقتصاديات الحجم وتخفيض التكاليف.
شروط استراتيجية اختراق السوق:
تتمثل شروط استراتيجية اختراق السوق فيما يأتي:
- طلب مرن على المنتج يتأثّر بسعره.
- إمكانية تحقيق هامش ربح معقول حتى مع انخفاض السعر.
- قدرة الشركة على تمويل الإنتاج والتسويق بكميات كبيرة.
3. استراتيجية سعر السوق:
هي استراتيجية تسعير تُستخدم لتحديد سعر للمنتجات الجديدة يتوافق مع أسعار المنتجات المماثلة في السوق، وذلك بهدف تقليل المخاطر المرتبطة بتسعير المنتج وتجنّب حرب الأسعار مع المنافسين.
مميزات استراتيجية سعر السوق:
تتمثل مميزات استراتيجية سعر السوق فيما يأتي:
- تقليل المخاطر المرتبطة بتسعير المنتج.
- تجنّب حرب الأسعار مع المنافسين.
- سهولة اتخاذ قرارات التسعير.
شروط استراتيجية سعر السوق:
تتمثل شروط استراتيجية سعر السوق فيما يأتي:
- وجود منتجات مشابهة في السوق بأسعار محدّدة.
- صعوبة تمييز المنتج عن منتجات المنافسين.
- حساسية المستهلكين للسعر بشكل كبير.
ب. استراتيجيات تعديل سعر المنتج الحالي:
تتغير الظروف والتغيرات مع مرور الوقت وبعد دخول المنتج مرحلة النمو، مما قد يجعل السعر الذي كان مناسبًا في وقت ما غير مناسب الآن. لذلك، من المهم مراجعة سعر المنتج بشكل دوري لضمان ملاءمته للسوق.
وفيما يلي عرض لسياسات تعديل السعر:
1.. سياسة التسعير النفسي:
تهدف هذه السياسة إلى إثارة الدوافع العاطفية لدى العملاء، وغالباً ما تستخدم في تسعير السلع الاستهلاكية.
أنواع التسعير النفسي:
ومن أهم أنواع التسعير النفسي ما يأتي:
• الأسعار الدالة: تُستخدم لربط جودة المنتج بسعره، فإذا كان السعر مرتفعًا، فهذا يعني أن جودة المنتج عالية (والعكس صحيح).
• الأسعار الكسرية : تُستخدم بشكل كبير في متاجر التجزئة، حيث يتم وضع السعر في شكل عدد صحيح وكسر وليس رقم صحيح.
• الأسعار المعتادة: هو السعر الذي تعود المستهلك دفعه على المنتج، ويتوقع دفعه في كل مرة يرغب بشراء المنتج.
2.. سياسة التسعير التنافسية:
تتمثل سياسة التسعير التنافسية فيما يأتي:
• استراتيجية الإغراق: يتم تحديد سعر منخفض للسلعة لا يغطي تكلفة الإنتاج، بهدف القضاء على المنافسين.
• استراتيجية التسعير مع منح خصومات : تُستخدم لمواجهة المنافسة عن طريق منح خصومات على السعر.
أنواع الخصومات الممنوحة:
ومن اهم أنواع الخصزمات الممنوحة ما يلي:
• الخصم النقدي: يُمنح مقابل الدفع نقدًا.
• الخصم الترويجي: يُمنح للموزعين لمساعدتهم على تغطية تكاليف الترويج.
• خصم الكمية: يُمنح مقابل الشراء بكميات كبيرة.
• الخصم الموسمي: يُمنح في مواسم معينة.
• الخصم التجاري: يُمنح للموزعين مقابل قيامهم ببعض الخدمات.
طرق اختيار السعر
فيما يلي بعض الطرق الشائعة لاختيار السعر:
أ. التسعير على أساس التكلفة
يعتمد التسعير المبني على التكلفة على حساب جميع تكاليف الإنتاج والتسويق والمبيعات لتحديد سعر البيع النهائي للمنتج. كما يهدف هذا النهج إلى ضمان تحقيق هامش ربح معقول للشركة.
أما الأنواع الرئيسية للتسعير المبني على التكلفة:
1. التسعير على أساس التكلفة زائد هامش الربح:
في هذه الطريقة، تُضيف الشركة هامش ربح محدد إلى إجمالي التكاليف لتحديد سعر البيع. ويتم حساب هامش الربح كنسبة مئوية من إجمالي التكاليف.
الصيغة:
سعر البيع = إجمالي التكاليف + (هامش الربح × إجمالي التكاليف).
مميزات:
• طريقة بسيطة وسهلة التطبيق.
• تضمن تحقيق ربح معقول للشركة.
عيوب:
• لا تأخذ بعين الاعتبار احتياجات المستهلكين أو المنافسة.
• قد لا تكون مناسبة للمنتجات الفريدة من نوعها أو في الأسواق التنافسية.
2. التسعير على أساس التكلفة المستهدفة:
في هذه الطريقة، تُحدّد الشركة سعر البيع المستهدف بناءً على أهدافها الربحية، ثم تُحسب التكاليف اللازمة لتحقيق هذا السعر.
الصيغة:
إجمالي التكاليف = (سعر البيع المستهدف – هامش الربح المستهدف) / (1 – هامش الربح المستهدف).
مميزات:
• تُساعد الشركة على تحقيق أهدافها الربحية.
• تُتيح للشركة المزيد من التحكم في أسعارها.
عيوب:
• قد تكون صعبة التطبيق، خاصةً إذا لم تكن الشركة متأكدة من أهدافها الربحية.
• قد لا تكون مناسبة للمنتجات ذات الطلب غير المستقر.
3. التسعير المبني على تحليل نقطة التعادل:
يُستخدم تحليل نقطة التعادل لتحديد سعر البيع الذي يُحقّق نقطة التعادل للشركة. وتعرف نقطة التعادل يأنها النقطة التي تُصبح عندها إيرادات الشركة مساوية لتكاليفها. بمعنى آخر، في هذه النقطة لا تُحقّق الشركة أي ربح ولكنها لا تُخسر أيضًا.
الصيغة:
سعر البيع = إجمالي التكاليف / الكمية المتوقعة للبيع عند نقطة التعادل
مميزات:
• يُساعد الشركة على فهم تكاليفها وإيراداتها بشكل أفضل.
• يُتيح للشركة تحديد سعر البيع الذي يُغطّي تكاليفها ويُحقّق نقطة التعادل.
عيوب:
• يعتمد على توقعات المبيعات، والتي قد تكون غير دقيقة.
• لا يأخذ بعين الاعتبار احتياجات المستهلكين أو المنافسة.
4. طرق أخرى لتطبيق التسعير المبني على التكلفة،
هناك طرق أخرى لتطبيق التسعير المبني على التكلفة ، ومنها ما يأتي:
• التسعير التكافلي : تُحدّد الشركة سعرًا يغطّي جميع تكاليفها ولكن لا يُحقّق أي ربح.
• التسعير التمييزي: تُحدّد الشركة أسعارًا مختلفة للمنتج بناءً على خصائص معينة، مثل موقع العميل أو كمية الشراء.
• التسعير التحليلي : تستخدم الشركة تحليلات متقدمة لتحديد أفضل سعر للمنتج بناءً على العوامل المختلفة التي تؤثّر على الطلب.
ب. التسعير على أساس قدرة المستهلك:
في هذه الطريقة، تُحدد الشركات أسعار المنتجات بناءً على قدرة المستهلكين على دفعها. وذلك يعني أن الشركات تأخذ بعين الاعتبار مستوى دخل المستهلكين عند تحديد أسعار المنتجات.
مميزات التسعير على أساس قدرة المستهلك:
من مميزات التسعير على أساس قدرة المستهلك ما يأتي:
• تُساعد هذه الطريقة على زيادة حجم المبيعات للشركات، خاصةً في الأسواق ذات الدخل المنخفض.
• تُساهم في تحسين صورة الشركات وإظهار اهتمامها باحتياجات المستهلكين.
عيوب التسعير على أساس قدرة المستهلك:
للتسعير على أساس قدرة المستهلك عيوب ، ومنها:
• قد لا تُحقّق هذه الطريقة هامش ربح كافٍ للشركات، خاصةً في المنتجات ذات التكاليف العالية.
• قد تُؤدّي إلى انخفاض جودة المنتجات لتخفيض التكاليف وتحقيق هامش ربح.
ج. التسعير على أساس المنافسة:
في هذه الطريقة، تُحدد الشركات أسعار المنتجات بناءً على أسعار المنتجات المماثلة في السوق. وذلك يعني أن الشركات تأخذ بعين الاعتبار أسعار منتجات المنافسين عند تحديد أسعار منتجاتها.
مميزات التسعير على أساس المنافسة
من مميزات التسعير على أساس المنافسة ما يلي:
• تُساعد هذه الطريقة على الحفاظ على تنافسية المنتجات في السوق.
• تُقلّل من مخاطر حرب الأسعار بين الشركات.
عيوب التسعير على اساس المنافسة:
للتسعير على اساس المنافسة عيوب عديدة ، منها:
• قد لا تُحقّق هذه الطريقة أقصى ربح ممكن للشركات.
• قد تُؤدّي إلى انخفاض جودة المنتجات لتخفيض التكاليف ومواكبة أسعار المنافسين.
أمثلة على استخدام التسعير على أساس المنافسة:
• تحديد سعر منتج جديد بناءً على متوسط أسعار المنتجات المماثلة في السوق.
• تقديم عروض وخصومات لمواكبة عروض المنافسين.
• خفض أسعار المنتجات إذا خفض المنافسون أسعار منتجاتهم.
العوامل المؤثرة في تحديد طرق اختيار السعر:
تعتمد طرق اختيار السعر على العديد من العوامل، من أهمّها:
• أهداف الشركة:
O إذا كان هدف الشركة هو تحقيق أقصى ربح ممكن، فقد تختار طريقة التسعير على أساس التكلفة زائد هامش الربح.
O أما إذا كان هدف الشركة هو زيادة حصتها في السوق، فقد تختار طريقة التسعير التنافسي.
• خصائص المنتج:
O إذا كان المنتج فريدًا من نوعه، فقد تختار الشركة طريقة التسعير النفسي.
O أما إذا كان المنتج مشابهًا لمنتجات أخرى في السوق، فقد تختار الشركة طريقة التسعير التنافسي.
• خصائص المستهلك:
O إذا كان المستهلك حساسًا للسعر، فقد تختار الشركة طريقة التسعير على أساس قيمة المنتج.
O أما إذا كان المستهلك لا يهتم بالسعر، فقد تختار الشركة طريقة التسعير النفسي.
• المنافسة:
O إذا كانت المنافسة قوية، فقد تختار الشركة طريقة التسعير التنافسي.
O أما إذا كانت الشركة رائدة في السوق، فقد تختار طريقة التسعير على أساس قيمة المنتج.
خاتمة :
يُعدّ اختيار استراتيجية التسعير المناسبة أمرًا بالغ الأهمية لنجاح أيّ عمل. من خلال فهم العوامل المؤثرة على التسعير وأنواع استراتيجيات التسعير المختلفة، يمكن للشركات اتخاذ قرارات تسعير ذكية تُساعدها على تعظيم أرباحها وتحقيق أهدافها التجارية.