سبق أن أشرنا في المحاضرة السابقة الى التعريف الاخير للتسويق لدى الجمعية الامريكية للتسويقشنة 2004 AMA: ( وظيفة تنظيمية ومجموعة من العمليات لخلق القيمة وتوصيلها وتسليمها للعملاء، وإدارة علاقات العملاء بطرق تعود بالنفع على المنظمة وأصحاب المصلحة فيها.)
يتكون تعريف التسويق السابق من ثلاثة مكونات أساسية:
• الوظيفة التنظيمية: يتطلب التسويق وجود وظيفة ودورًا محددين داخل المنظمة.
• مجموعة من العمليات لخلق القيمة وتوصيلها وتسليمها للعملاء: يتضمن ذلك:
o خلق القيمة: وهي عملية ترجمة معرفة احتياجات ورغبات السوق إلى عروض منتجات محددة.
o توصيل القيمة: وهي عملية استخدام مزيج التسويق الترويجي للتحدث إلى السوق المستهدف وتوضيح التوافق بين عرض القيمة واحتياجات السوق.
o تسليم القيمة إلى العميل: وهو استخدام قنوات التوزيع لنقل عرض القيمة فعليًا من نقطة الإنتاج إلى العميل.
• مجموعة من العمليات لإدارة علاقات العملاء بطرق تعود بالنفع على المنظمة وأصحاب المصلحة فيها: يتضمن ذلك تحديد أصحاب المصلحة وتقييم أهميتهم، وتطوير استراتيجيات لإدارة العلاقات مع أصحاب المصلحة.
مفهوم “قيمة” و “أصحاب المصلحة”
فيما نوضح ففهوم كل من مصطلحي “القيمة”، و “اصحاب المصلحة” الواردة في التعريف السابق.
القيمة
القيمة هي جانب معقد في تعريف التسويق، حيث يتم استخدام تعريفات متعددة للمصطلح عبر عملية التسويق.
من وجهة نظر تعريف التسويق، تُعرَّف القيمة بأنها الفوائد التي يتلقاها المستهلك من عرض المنتج، مقابل استثمار غير مالي (الوقت، الجهد) أو مالي (النقد).
القيمة التي يحصل عليها العميل هي عامل شخصي يجب أن يعتمد على احتياجات ورغبات العميل، بدلاً من أن تفرضها المنظمة، فهي تتأتى من فهم احتياجات العميل وتطوير عرض يلبي تلك الاحتياجات.
القيمة في التسويق هي مزيج من جودة المنتج أو الخدمة والأسعار المعقولة والمقبولة والخدمة الاستجوابية. ومن الجدير ملاحظة أن قيمة التسويق تجمع بين الجودة العالية والأسعار المقبولة. لا يتعلق الأمر بمنتجات ذات جودة رديئة بأسعار منخفضة أو منتجات عالية الجودة بأسعار مرتفعة. القيمة في التسويق تعني الوفاء بمجموعة كاملة من الوعود للعميل.
أصحاب المصلحة
أحد المبادئ الاستراتيجية الأساسية الناشئة من تعريف التسويق هو الحاجة إلى تحديد أصحاب المصلحة للمنظمة. يعرّف فريمان (1984) أصحاب المصلحة على أنهم “أي مجموعة أو فرد يمكن أن يؤثر أو يتأثر بتحقيق أهداف الشركة”. هذا فرق كبير عن النظرة الضيقة لأصحاب المصلحة باعتبارهم المساهمين أو المالكين أو مالكي المنظمة.
من وجهة نظر وودج وبودويل وغرفز (2002) ، يتم تقسيم أصحاب المصلحة إلى فئتين:
• أصحاب المصلحة الأساسيون: هم من هم مطلوبون للبقاء المستمر للمنظمة، بما في ذلك المساهمون والموظفون والعملاء والموردون.
• أصحاب المصلحة الثانويون: هم من لا يشاركون في المعاملات مع المنظمة وليسوا ضروريين لبقاء المنظمة. وتشمل هذه المنظمات غير الحكومية والناشطين والمجتمعات والحكومات.
مما سبق، فإن التسويق هو فلسفة تقود إلى العملية التي تحصل بها المنظمات والمجموعات والأفراد على ما يحتاجون إليه ويرغبون فيه من خلال تحديد القيمة وتوفيرها وتوصيلها للآخرين.
اي أن التسويق يهتم بحل المشكلات وفوائد العملاء. وعليه يجب أن تكون المنظمة قادرة على الإجابة على الأسئلة التالية:
• ما هي المشكلة التي يحاول العملاء حلها؟
• ما هي الفوائد التي يسعى إليها العملاء؟
• كيف يحل منتج المنظمة هذه المشكلة ويوفر هذه الفوائد بشكل جيد؟
وبالتالي فإن المفاهيم الأساسية للتسويق هي: احتياجات ورغبات وقيم العملاء والمنتجات والتبادل والاتصالات والعلاقات.
ويمكن استخدام كلا النموذجين للمزيج التسويقي لتخطيط وتنفيذ التسويق الاستراتيجي. ومع ذلك، فإن نموذج 4Cs قد يكون أكثر ملاءمة للتسويق الاستراتيجي الذي يركز على العميل. وذلك لأن نموذج 4Cs يركز على العناصر التي تهم العميل بشكل مباشر، مثل القيمة والتكلفة والراحة.
تعريف التسويق الاستراتيجي
يعد التسويق الاستراتيجي جانبًا مهمًا من استراتيجية العمل الشاملة للمؤسسة، مع التركيز على الأهداف والغايات طويلة المدى لتحقيق ميزة تنافسية مستدامة. وقد تم ذكر عدة تعريفات تعكس آراء المؤلفين حول مفهوم التسويق الاستراتيجي.
• يعرف كوتلر (1991) التسويق الاستراتيجي بأنه “تلك المبادئ العامة التي من خلالها تحقق إدارة التسويق أهداف وحدة الأعمال الاستراتيجية والتسويق في السوق المستهدفة، والتي تشمل القرارات الأساسية حول المزيج التسويقي، وتوزيع الموارد، والجهود التسويقية. “
• ويعرف كرافنز وبيرسي (2006) التسويق الاستراتيجي بأنه “تطوير رؤية المنظمة للأسواق التي تهتم بها، وتحديد الأهداف وتطويرها، وإعداد البرامج التسويقية لتحقيق مكانة المنظمة والاستجابة لاحتياجات متطلبات العملاء في السوق المستهدفة. “
من خلال التعريفات السابقة، يمكننا استنتاج أن التسويق الاستراتيجي هو:
• مجموعة من الخطط والإجراءات التي تهدف إلى تحقيق أهداف التسويق للمنظمة على المدى الطويل.
• تستند إلى تحليل شامل للبيئة الداخلية والخارجية للمنظمة.
• تهدف إلى خلق ميزة تنافسية للمنظمة في السوق المستهدف.
وفيما يلي بعض التفاصيل حول كل من هذه النقاط:
أ. مجموعة من الخطط والنشاطات
التسويق الاستراتيجي هو أكثر من مجرد خطة واحدة. إنه مجموعة من الخطط والنشاطات التي تعمل معًا لتحقيق أهداف التسويق. قد تشمل هذه الخطط ما يلي:
• خطة التسويق: وهي خطة شاملة تحدد أهداف التسويق والاستراتيجية لتحقيقها.
• خطط التسويق الخاصة بالمنتجات أو الخدمات: وهي خطط تحدد أهداف التسويق واستراتيجية تحقيقها لكل منتج أو خدمة.
• خطط التسويق الإقليمية أو الدولية: وهي خطط تحدد أهداف التسويق واستراتيجية تحقيقها لكل منطقة أو سوق دولي.
ب. تحليل البيئة الداخلية والخارجية
يعتمد التسويق الاستراتيجي على تحليل البيئة الداخلية والخارجية للمنظمة. البيئة الداخلية تتضمن الموارد والقدرات والإمكانات التي تمتلكها المنظمة. البيئة الخارجية تتضمن الفرص والتهديدات التي تواجه المنظمة في السوق.
من خلال تحليل البيئة الداخلية والخارجية، يمكن للمنظمة تحديد نقاط قوتها ونقاط ضعفها، وكذلك الفرص والتهديدات التي تواجهها. هذه المعلومات ضرورية لتطوير استراتيجية تسويق فعالة.
ج. خلق ميزة تنافسية
الهدف النهائي للتسويق الاستراتيجي هو إنشاء ميزة تنافسية للمنشأة في السوق المستهدف. تتمثل الميزة التنافسية في أي شيء يجعل المنظمة أكثر جاذبية للمستهلكين من المنافسين.
يمكن أن تتحقق الميزة التنافسية من خلال مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك:
• الجودة العالية للمنتجات أو الخدمات
• الأسعار التنافسية.
• الخدمة الممتازة للعملاء.
• العلامة التجارية القوية.
• قنوات التوزيع الفعالة.
من خلال إنشاء ميزة تنافسية، يمكن للمنظمة أن تجذب المزيد من العملاء وتزيد من حصتها في السوق.
العناصر الرئيسية للتسويق الاستراتيجي:
تتمثل العناصر الرئيسية للتسويق الاستراتيجي في:
• تحليل البيئة : يشمل تحليل البيئة الداخلية والخارجية للمنظمة. البيئة الداخلية تتضمن الموارد والقدرات والإمكانات التي تمتلكها المنظمة. البيئة الخارجية تتضمن الفرص والتهديدات التي تواجه المنظمة في السوق.
• تحديد الأهداف : تحدد الأهداف ما تريد المنظمة تحقيقه من خلال التسويق. يجب أن تكون الأهداف محددة وقابلة للقياس وقابلة للتحقيق وذات صلة ومحدودة بوقت.
• تطوير الاستراتيجية: تحدد الاستراتيجية كيفية تحقيق المنظمة لأهدافها. يجب أن تكون الاستراتيجية شاملة ومتسقة مع أهداف المنظمة وبيئة الأعمال.
• تنفيذ الاستراتيجية: يتضمن تنفيذ الاستراتيجية وضع الخطط والأنشطة اللازمة لتحقيق أهداف التسويق. يجب أن يكون التنفيذ فعالًا وفعالًا.
• المراقبة والتقييم : تتضمن المراقبة والتقييم قياس أداء الاستراتيجية واتخاذ الإجراءات التصحيحية عند الضرورة.
مزايا التسويق الاستراتيجي:
فيما يلي بعض المزايا الرئيسية:
التوجه نحو السوق:
يشير التوجه السوقي إلى قدرة المنظمة على فهم احتياجات ورغبات السوق المستهدفة والاستجابة لها. فالتسويق الاستراتيجي يعزز النهج الموجه نحو السوق، حيث تقوم الشركات بجمع وتحليل معلومات السوق بشكل نشط، مما يمكنها من تصميم منتجاتها أو خدماتها وفقًا لمتطلبات العملاء. هذه الاستجابة تعزز رضا العملاء وولائهم.
إدارة علاقات العملاء:
يؤكد التسويق الاستراتيجي على أهمية بناء علاقات قوية مع العملاء والحفاظ عليها. من خلال فهم احتياجات العملاء وتفضيلاتهم، يمكن للمؤسسات تطوير استراتيجيات تسويقية مخصصة، وزيادة الاحتفاظ بالعملاء، وتعزيز القيمة الدائمة للعميل.
المواقع التنافسية:
يتضمن تحديد المواقع التنافسية إنشاء مكانة مميزة ومفيدة في السوق مقارنة بالمنافسين. فمن خلال التسويق الاستراتيجي، يمكن للمؤسسات تحديد عروض البيع الفريدة والاستفادة منها والتي تميزها عن المنافسين. يساعد التحديد الفعال للمواقع على خلق صورة إيجابية في أذهان المستهلكين، مما يؤدي إلى زيادة قيمة العلامة التجارية وميزة تنافسية.
الابتكار والتكيف:
يشجع التسويق الاستراتيجي اتباع نهج استباقي للابتكار والتكيف مع التغيرات في بيئة الأعمال. فالمنظمات التي تدمج التسويق الاستراتيجي في عملية التخطيط الخاصة بها من المرجح أن تحدد اتجاهات السوق الناشئة والتقدم التكنولوجي. يتيح لهم هذا البصيرة ابتكار المنتجات أو الخدمات وتكييف استراتيجياتهم التسويقية، والبقاء في صدارة المنافسين وتلبية احتياجات العملاء المتطورة.
تحسين الموارد:
يتضمن تحسين الموارد تخصيص الموارد بكفاءة لتحقيق الأهداف الإستراتيجية. فالتسويق الاستراتيجي يساعد في تحديد الأولويات وتخصيص الموارد بناءً على قطاعات السوق المستهدفة المحددة وقنوات التسويق الأكثر فعالية. ويضمن هذا التحسين استخدام الموارد المالية والبشرية بكفاءة لتحقيق أقصى قدر من العائد على الاستثمار.
إدارة المخاطر:
تتضمن إدارة المخاطر في التسويق تقييم وتخفيف المخاطر المحتملة المرتبطة بديناميكيات السوق والقوى التنافسية. فمن الناحية العملية، غالبًا ما تتضمن أطر التسويق الإستراتيجية تحليل المخاطر، مما يسمح للمؤسسات بتوقع التحديات المحتملة ووضع خطط للطوارئ. ومن خلال اتخاذ إجراءات استباقية في تحديد المخاطر وإدارتها، يمكن للشركات التغلب على حالات عدم اليقين بشكل أكثر فعالية، مما يقلل من احتمالية حدوث تأثيرات سلبية على جهودها التسويقية.