مرحباً بكم في هذه المحاضرة التي سنتحدث فيها عن مفهوم التسويق الاستراتيجي.
مصطلح التسويق الاستراتيجي يتكون من كلمتين هما التسويق والاستراتيجية، ولذلك سنتناول أولاً التسويق ثم الاستراتيجية واخير الجمع بينهما ليتكون التسويق الاستراتيجي.
تعريف التسويق:
تعددت تعريفات التسويق هو أمر طبيعي، ويعكس التطور المستمر لمفهوم التسويق واختلاف وجهة النظر .
تطور مفهوم التسويق عبر الزمن، من كونه مجرد نشاط تجاري يهدف إلى بيع المنتجات إلى كونه مفهومًا أشمل يهدف إلى إشباع احتياجات ورغبات العملاء.
• عرفت الجمعية الأمريكية للتسويق في 1985 ( التسويق هو عملية التخطيط وتنفيذ تصميم وتسعير وترويج وتوزيع الأفكار والسلع والخدمات لإنشاء تبادلات تلبي الأهداف الفردية والتنظيمية.).
• كما يعرف Stnton التسويق بأنه: ( نظام متفاعل ومتداخل مع الأنشطة المختلفة المخططة والمعدة لغرض تسعير وترويج وتوزيع السلع والخدمات للزبائن الحاليين والمرتقبين ).
• وفي عام 2004 أعادت الجمعية الأمريكية للتسويق AMA تعريف التسويق وذكرت بأنه: (وظيفة تنظيمية ومجموعة من العمليات لإنشاء القيمة وتوصيلها للعملاء وإدارتها بطريقة تعود بالنفع على المنظمة وأصحاب المصلحة فيها.).
• تعريف فيليب كوتلر للتسويق هو: “التسويق هو عملية اجتماعية وإدارية يحصل من خلالها الأفراد والجماعات على ما يحتاجون إليه ويريدونه من خلال إنشاء وتبادل المنتجات والقيمة مع الآخرين”.
• تعريف ريتشارد كوتلر وآخرون: “التسويق هو علم وفن إدارة ابتكار وتقديم وتبادل عروض ذات قيمة للعملاء والمستفيدين الآخرين وإدارة العلاقات مع هؤلاء العملاء لتحقيق أهداف المنظمة”.
• يُقترح تعديل لتعريف التسويق من قبل دويل (2000) والذي يوضح أن التسويق هو:( العملية الإدارية التي تسعى إلى تعظيم العائد للمساهمين من خلال خلق ميزة تنافسية في تقديم وتوصيل القيمة للعملاء وبالتالي بناء علاقة طويلة الأمد معهم.).
لم يعد تعريف التسويق الجديد يعترف صراحة بمزيج التسويق ، ويركز بدلاً من ذلك على مفهوم “خلق القيمة” للشركة وللعميل. لقد اختفى التركيز الصريح على إنشاء التبادل باعتباره جوهر تعريف التسويق – القيمة هي الآن جوهر التسويق. بالإضافة إلى ذلك ، تم استبدال مفهوم تلبية الأهداف الفردية والتنظيمية بإدارة علاقات العملاء بطريقة تعود بالنفع على المنظمة وأصحاب المصلحة فيها.
بشكل عام ، فإن مراجعة التعريف يبعد التسويق عن توجه التبادل قصير الأجل نحو منطقة تركز بشكل أكبر على العلاقات طويلة الأجل والقيمة وفائدة أصحاب المصلحة. وهذا يمثل تحولًا في أساليب فكر واستراتيجية التسويق – أصبح التسويق الآن علاقة ، تستند إلى خلق قيمة للعملاء وفوائد للمنظمة وأصحاب المصلحة حيث كانت في السابق تبادلًا بين طرفين أو أكثر.
أن المتامل في تطور وتغيرات تعريفات التسويق نرى انها ترجع الى التطور المستمر في التسويق وكذا بسبب اختلاف وجهات النظر بين الكتاب والممارسين وكذا الزاوية او الموقع الذي ينظر منه صاحب التعريف.
فمثلا التعريفات تبرز عناصر المزيج التسويقي موجه نحو الإنتاج والتسويق وليس موجه نحو العملاء. وأنه يعبر عن وجهة نظر إدارة التسويق. ويرى آخرون أنه حان الوقت لتقاعد المزيج التسويقي القديم 4Ps ليفسح المجال أمام مزيج تسويقي رباعي موجه نحو العميل 4Cs، تبدأ عناصره بحرف C الإنجليزي، وذلك على النحو التالي:
نموذج 4Cs فيركز على العناصر الأربعة التالية:
أ. القيمة (Customer Value): القيمة التي يحصل عليها العميل من منتجات المنظمة أو خدماتها. يقابله : المنتج.
ب. التكلفة (Cost to the Customer): التكلفة التي يتحملها العميل للحصول على منتجات المنظمة أو خدماتها. وهذا يقابله: السعر.
ج. الراحة (Convenience): مدى سهولة الحصول على منتجات المنظمة أو خدماتها. وهذا يقابله: المكان/التوزيع
د. الاتصالات (Communication): كيفية التواصل مع العملاء. وهذا يقابله الترويج.
وبالتالي أصبح مزيج التسويق الجديد يركز على حاجات العميل ورغباته.
وبالرغم الانتقادات الموجهة للمزيج التسويقي إلا أن المزيج التسويقي 4Ps إستخدم بشكل واسع من قبل المديرين والأكاديميين ويرجع ذلك لبساطة استخدامه.
مراحل تطور الفكر التسويقي:
تتمثل مراحل تطور الفكر التسويقي فيما يأتي:
1. مرحلة التوجيه بالإنتاج: بدأت منذ الثورة الصناعية حتى الحرب العالمية الأولى، حيث كان التركيز على الإنتاج ورفع كفاءته لمواجهة الطلب المتزايد على السلع والخدمات.
2. مرحلة التوجيه بالبيع: بدأت منذ الحرب العالمية الأولى حتى الحرب العالمية الثانية، حيث أدى التركيز على عمليات الإنتاج إلى وجود وفرة من المخزون، ولم تعد المشكلة الرئيسة في الإنتاج، وإنما في بيع المنتج نفسه.
3. مرحلة التوجيه بالتسويق: بدأت بعد الحرب العالمية الثانية، حيث ظهر المفهوم التسويقي مع بداية الخمسينات والستينات، ويقوم هذا المفهوم على البدء بالتعرف على رغبات المستهلك النهائي أو المستخدم، والعمل على إشباع هذه الرغبات.
4. المفهوم الاجتماعي للتسويق: هذه المرحلة تتميز بالتركيز على الأثر الاجتماعي للتسويق.
هذه المراحل تعكس التطور المستمر للتسويق وكيفية تكيفه مع التغيرات في السوق والتكنولوجيا.
عناصر المزيج التسويقي:
المزيج التسويقي هو مجموعة من الأدوات التي يستخدمها المسوقون لتحقيق أهدافهم التسويقية. يتكون المزيج التسويقي من أربعة عناصر رئيسية، وهي المنتج، السعر، المكان، والترويج. هذه العناصر تعرف أيضاً بـ “الـ4P’s”.
أ. المنتج (Product): يشير إلى السلعة أو الخدمة التي تقدمها الشركة للمستهلكين. يمكن أن يكون المنتج سلعة ملموسة مثل السيارات أو الأجهزة الإلكترونية، أو خدمة غير ملموسة مثل التأمين أو الاستشارات. يجب أن يلبي المنتج احتياجات ورغبات العملاء، ويجب أن يكون له قيمة مضافة تميزه عن المنتجات المنافسة.
المنتج في المزيج التسويقي يشمل العديد من الجوانب، بما في ذلك:
1.الخصائص الفيزيائية: هذه تشمل الحجم، اللون، الوزن، والمواد المستخدمة في الإنتاج.
2.الميزات: هذه هي الوظائف أو القدرات التي يقدمها المنتج للمستهلك.
3.الجودة: هذه تشمل مدى موثوقية المنتج ومتانته وقدرته على الأداء كما هو متوقع.
4.التصميم: هذا يشمل الشكل الجمالي للمنتج وكيف يتم تقديمه للمستهلك.
5.العلامة التجارية: هذا يشمل الاسم والشعار والصورة التي ترتبط بالمنتج.
6. التغليف: هذا يشمل كيفية حماية المنتج وتقديمه بطريقة جذابة.
7.الخدمات المرتبطة بالمنتج: هذه تشمل الضمانات، التركيب، التوصيل، والدعم الفني.
كل هذه العناصر تلعب دوراً مهماً في تحديد كيف يتم تصور المنتج من قبل المستهلكين وكيف يتم تقديمه في السوق. يجب على المسوقين أن يفهموا كيف يمكن أن تؤثر هذه العناصر في تجربة المستهلك ورضاه عن المنتج.
ب. السعر (Price): يشير إلى المبلغ الذي يدفعه المستهلك مقابل الحصول على المنتج. يجب أن يكون السعر معقولاً ومناسباً للقيمة التي يحصل عليها المستهلك. يمكن تحديد السعر بناءً على التكلفة، أو القيمة المتوقعة، أو الأسعار المنافسة.
ج. المكان (Place): المكان في المزيج التسويقي، والذي يُعرف أيضاً بـ “التوزيع”، يشير إلى الاستراتيجيات والتقنيات التي تستخدمها الشركة لتقديم المنتج إلى العملاء. هذا يشمل:
1 القنوات التوزيعية: هي الطرق التي يتم من خلالها نقل المنتج من المنتج إلى العميل. يمكن أن تشمل القنوات التوزيع البائعين المباشرين، مثل المتاجر الفيزيائية، أو البائعين غير المباشرين، مثل الموزعين أو الوكلاء.
2. الموقع: يشير إلى الموقع الجغرافي الذي يتم فيه بيع المنتجات أو تقديم الخدمات. يمكن أن يكون هذا متجراً فيزيائياً، أو موقعاً إلكترونياً، أو كلاهما.
3. التوافر: يشير إلى مدى سهولة الوصول إلى المنتج للعملاء. يجب أن يكون المنتج متاحاً في الأماكن والأوقات التي يرغب فيها العملاء في الشراء.
4. اللوجستيات: تشمل النقل، التخزين، وإدارة المخزون، والتي تلعب دوراً حاسماً في تأكيد أن المنتجات متوفرة عند الطلب.
د. الترويج (Promotion): يشير إلى الأنشطة التي تقوم بها الشركة لتعزيز المنتج أو الخدمة. يمكن أن يشمل الترويج الإعلان، العلاقات العامة، النشر، تنشيط المبيعات والبيع الشخصي.
يجب أن تعمل هذه العناصر معًا بشكل متناسق لتحقيق أهداف الشركة التسويقية.
فيما سبق هو المزيج التسويقي للسلعة الملموسة.
أما المزيج التسويقي للخدمات فيتضمن ثلاثة عناصر إضافية بجانب الأربعة الأساسية (المنتج، السعر، المكان، الترويج)، وهي:
هـ .. الأفراد (People): يشمل الأفراد الذين يشاركون في تقديم الخدمة، سواء كانوا مباشرين مثل فريق البيع، أو غير مباشرين مثل موظفي الدعم الفني أو الإدارة.
و. العمليات (Process): تتضمن العمليات التشغيلية للخدمة مثل الإجراءات والمدة الزمنية وتسلسل الأنشطة التي تؤدي إلى تجربة المستهلك للخدمة.
ز. الأدلة المادية (Physical Evidence): تشمل العناصر الملموسة التي تزيد من جاذبية الخدمة المقدمة مثل قاعات الانتظار المكيّفة، ووسائل الترفيه الموّفرة فترة انتظار العميل.
هذه العناصر الإضافية تعكس الطبيعة الفريدة للخدمات، والتي تتميز بكونها غير ملموسة وغير قابلة للتخزين أو النقل، وغالبًا ما تتطلب تفاعلاً مباشراً بين مقدم الخدمة والعميل.
أهمية التسويق في العصر الحديث
في العصر الحديث، أصبح التسويق أكثر أهمية من أي وقت مضى. وذلك لأن الأسواق أصبحت أكثر تعقيدًا وتنوعًا، وأصبح المستهلكون أكثر تطلبًا.
يساعد التسويق الشركات على:
• فهم احتياجات ورغبات العملاء.
• تطوير منتجات وخدمات تلبي هذه الاحتياجات والرغبات.
• التواصل مع العملاء وبناء علاقات معهم.
• إنشاء القيمة للعملاء والمنظمة.
تعريف الاستراتيجية
اليوم، اصبح مصطلح الإستراتيجية شائع الاستخدام في مختلف مجالات الحياة، سواء في السياسة أو الأعمال أو الرياضة أو غيره. وقد تطلق على الأشخاص والقرارات والأماكن. فمثلاً، يمكن وصف موقع ما بأنه إستراتيجي إذا كان له أهمية عسكرية أو اقتصادية أو سياسية. ويمكن وصف قرار سياسي بأنه إستراتيجي إذا كان له تأثير كبير على مستقبل الدولة.
الإستراتيجية مشتقة من كلمة اللاتينية Strategos (στρατηγία) بمعنى القائد العسكري، وهي تتكون من مقطعين هما ” ستراتوس” Stratos ومعناها الجيش، و”أغو” Ago ومعناه يقود، وتعني الكلمتين الأساليب التي يستخدمها القائد العسكري.
توحي كلمة “استراتيجية” بصوت ساحات المعارك اليونانية، حيث يتردد أصلها مع “ستراتيجيا” – فن الجنرال. لكن جوهره يتجاوز مجرد التكتيكات؛ إنه يتعلق بتنسيق الإجراءات بدقة الليزر لتحقيق أهداف محددة مسبقًا.
لقد أدرك القادة مثل سون تزو قوة التخطيط الدقيق والخداع في الحرب. ولا يزال كتابه الشهير “فن الحرب” يُعد كتابًا أساسيًا خالدًا للعبقرية الاستراتيجية، ويؤثر ليس فقط على المحاربين ولكن أيضًا على رواد الأعمال والمديرين التنفيذيين في العصر الحديث.
نشأت الاستراتيجية في المجال العسكري، حيث استخدمها القادة العسكريون لتحقيق النصر في الحروب. ثم انتقلت إلى المجال السياسي، حيث استخدمها القادة السياسيون لتحقيق أهدافهم. وأخيرًا، انتقلت إلى المجال الإداري، حيث تستخدمها المؤسسات والشركات لتحقيق أهدافها.
تعددت تعريفات الاستراتيجية، وذلك حسب المبدأ الذي يعتمده كل مؤلف في تفسير الاستراتيجية. ومن أشهر هذه التعريفات:
• تعريف كليوك: الاستراتيجية هي خطة شاملة ومتكاملة تربط بين المنافع الاستراتيجية للمنشأة مع التحديات البيئية، وهي معدة بشكل يؤكد قدرة المنشأة على تحقيق الأهداف الرئيسية.
• تعريف ثوماس: الاستراتيجية هي خطط وأنشطة المنشأة التي يتم وضعها بطريقة تضمن خلق درجة من التطابق بين رسالة المنشأة وأهدافها، وبين هذه الرسالة والبيئة التي تعمل فيها بصورة فعالة وذات كفاءة عالية.
• تعريف كوتلر: الاستراتيجية هي عملية تنمية وصياغة العلاقة بين المنشأة والبيئة التي تعمل بها من خلال تحديد رسالة وأهداف المنشأة.
• تعريف هندرسون: الاستراتيجية هي بحث مدروس متأتي لخطة عمل تؤدي إلى تطوير الفائدة التنافسية للمنشأة وتضاعفها.
واستنادا للتعريفات السابقة، يمكننا أن نستنتج أن الاستراتيجية هي:
o خطة شاملة ومتكاملة تحدد كيفية تحقيق أهداف المنظمة أو المؤسسة على المدى البعيد.
o وسيلة للمنظمة أو المؤسسة للتميز عن المنافسين وتحقيق ميزة تنافسية.
o قرارات وإجراءات تستند إلى تحليل البيئة الداخلية والخارجية للمنظمة أو المؤسسة.
وبناءً على الاستنتاج السابق، يمكن تعريف الاستراتيجية بأنها:
خطة شاملة ومتكاملة تحدد كيفية تحقيق أهداف المنظمة أو المؤسسة على المدى البعيد، وتراعي في ذلك العوامل البيئية الداخلية والخارجية، وتهدف إلى تحقيق ميزة تنافسية للمنظمة أو المؤسسة.
أهمية الاستراتيجية
تتمثل أهمية الاستراتيجية في أنها:
• تساعد المنظمة أو المؤسسة على تحقيق أهدافها.
• تساعد المنظمة أو المؤسسة على التكيف مع التغيرات البيئية.
• تساعد المنظمة أو المؤسسة على تحقيق ميزة تنافسية.