تعتبر الإدارة الاستراتيجية ركيزة أساسية لنجاح الشركات والمنظمات في عالم الأعمال الحديث. وهي تهتم بتحديد الأهداف طويلة المدى للمنظمة، وتبني مسارات العمل، وتخصيص الموارد اللازمة لتحقيق تلك الأهداف.
تساهم الإدارة الاستراتيجية في تحليل البيئة التنافسية وفهم القوى التي تشكلها، وبالتالي مساعدة الشركات على صياغة استراتيجيات فعالة لتحقيق الميزة التنافسية المستدامة وتحسين أدائها.
ولفهم الإدارة الاستراتيجية بشكل أعمق، من الضروري الخوض في المدارس الفكرية التي نشأت في هذا المجال. حيث تقدم كل مدرسة فكرية منظورًا مختلفًا لعملية صياغة وتنفيذ الاستراتيجية، وتسلط الضوء على جوانب مختلفة من هذه العملية المعقدة. وتعتبر هذه المدارس أدوات فكرية فعّالة لتحليل سلوك الشركات والمؤسسات، وفهم كيفية تعاملها مع التحديات التي تواجهها في بيئتها التنافسية. من خلال فهم الافتراضات والمبادئ التي تدعم كل مدرسة، يمكن للباحثين والمحللين تطوير فهم أعمق لسلوك الشركات وتوقع قراراتها الاستراتيجية بشكل أفضل.
يهدف هذا المقال إلى تحليل المدارس الفكرية في الإدارة الاستراتيجية، المصنفة وفقًا لنهجها في عملية صياغة الاستراتيجية.
سنبدأ بالمدارس التصريحية التي تركز على التخطيط المسبق والصياغة الرسمية للاستراتيجية، مثل مدرسة التصميم، ومدرسة التخطيط، ومدرسة التموضع. سنناقش أهم رواد هذه المدارس وأفكارهم الرئيسية، مع تقييم نقاط القوة والضعف لديهم.
سننتقل بعد ذلك إلى المدارس التفسيرية / التكوينية التي تؤكد على كيفية ظهور الاستراتيجيات بشكل طبيعي وتطورها بمرور الوقت. سنتناول مدارس مثل ريادة الأعمال، والإدراك، والتعلم، والقوة، والثقافة، والبيئة، مع تحليل وتقييم كل منها.
سنشير أيضًا إلى مدارس أخرى أحدث ، مثل مدرسة الابتكار المفتوح، ومدرسة ريادة الأعمال الاجتماعية، ومدرسة الذكاء الاصطناعي، لإثراء المناقشة حول تطور التفكير الاستراتيجي بشكل عام.
جدول المحتويات
قصة العميان والفيل والمدارس الفكرية
لنتخيّل معًا- اعزائي الطلاب- قصةً قديمةً تُروى عن ستةِ عميانٍ صادفوا فيلاً ضخماً لأوّل مرة. كلٌّ منهم لمس جزءاً مختلفاً من الفيل، وبدأ كلٌّ منهم يُكوّن تصوّراً عن شكل هذا المخلوق الغريب بناءً على ما لامسته يداه:
لمس الأول جانب الفيل، فظنّه حائطًا عريضاً مُمتداً.
الثاني مدّ يده فوجد ناب الفيل، فصرخ: “إنه رمحٌ حادٌ!”
الثالث تحسّس خرطوم الفيل، فاعتقد أنه ثعبانٌ ضخمٌ ينزلق.
الرابع لمس ساق الفيل فشبهها بـ جذع شجرةٍ متينةٍ.
الخامس أمسك بأذن الفيل، فظنّها مروحةً كبيرةً تتحرك.
السادس تعثّر في ذيل الفيل، فصرخ مُفزَعاً: “إنه حبلٌ سميكٌ!”
تشاجر الستةُ العميان طويلاً، كلٌّ مُصّرٌ على أنّه الأصحّ في وصفه للفيل. والحقيقة أن كلّ واحد منهم كان مُحقّاً في وصفه للجزء الذي لمسه، ولكنّ أحدًا منهم لم يُدرك الشكل الكامل للفيل.
هكذا هي المدارس الفكرية في الإدارة الاستراتيجية!
فكل مدرسة تُركّز على جانب مُعيّن من هذه العملية المُعقدة، وتُقدّم أدوات ومفاهيم فعّالة لفهم ذلك الجانب. ولكن، يجب أن نتذكر دائمًا أنّ الإدارة الاستراتيجية هي “فيلٌ ضخمٌ مُعقّد”، وأنّ فهمها بشكلٍ كامل يتطلب منّا النظر إلى الصورة الكاملة ودمج رؤى مختلف المدارس معًا.
فكما أن العميان الستة احتاجوا للتعاون وتبادل المعلومات لفهم شكل الفيل بشكلٍ أفضل، فإنّ فهمنا للإدارة الاستراتيجية سيكون أكثر عمقاً وشمولاً عندما ندرس مختلف المدارس ونُقيّم نقاط قوتها وضعفها بشكلٍ نقدي.
يهدف هذا المقال إلى تحليل المدارس الفكرية في الإدارة الاستراتيجية، المصنفة وفقًا لنهجها في عملية صياغة الاستراتيجية.
سنبدأ بالمدارس التصريحية التي تركز على التخطيط المسبق والصياغة الرسمية للاستراتيجية، مثل مدرسة التصميم، ومدرسة التخطيط، ومدرسة التموضع. سنناقش أهم رواد هذه المدارس وأفكارهم الرئيسية، مع تقييم نقاط القوة والضعف لديهم.
سننتقل بعد ذلك إلى المدارس التفسيرية / التكوينية التي تؤكد على كيفية ظهور الاستراتيجيات بشكل طبيعي وتطورها بمرور الوقت. سنتناول مدارس مثل ريادة الأعمال، والإدراك، والتعلم، والقوة، والثقافة، والبيئة، مع تحليل وتقييم كل منها.
سنشير أيضًا إلى مدارس أخرى ظهرت بعد عام 1998، مثل مدرسة الابتكار المفتوح، ومدرسة ريادة الأعمال الاجتماعية، ومدرسة الذكاء الاصطناعي، لإثراء المناقشة حول تطور التفكير الاستراتيجي بشكل عام.
1. مدرسة التصميم
تعتبر مدرسة التصميم من أوائل المدارس الفكرية التي ظهرت في مجال الإدارة الاستراتيجية، وقد سيطرت على الفكر الاستراتيجي في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين. وتقوم هذه المدرسة على الافتراض الأساسي بأن صياغة الاستراتيجية هي عملية منهجية وواعية ومنضبطة. حيث يقوم كبار المديرين “بتصميم” الاستراتيجية المناسبة للشركة بناءً على تحليل شامل لبيئتها الداخلية والخارجية (أندروز، 1971).
يمكن مقارنة عملية صياغة الاستراتيجية في هذه المدرسة بمهندس معماري يصمم مبنى جديدًا بناءً على متطلبات العميل والظروف البيئية المحيطة.
رواد مدرسة التصميم:
يعد ألفريد تشاندلر (1962) وكينيث أندروز (1971) من أبرز رواد مدرسة التصميم. وقد أكد تشاندلر في كتابه “الاستراتيجية والبنية” على أهمية مواءمة جوانب مختلفة من الإدارة تحت مظلة استراتيجية شاملة، حيث صرح بأن “البنية تتبع الاستراتيجية”.
طور أندروز مفهوم “الكفاءات المميزة” وتحليل SWOT، الذي يساعد الشركات على تحديد نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات في بيئتها.
نقاط قوة مدرسة التصميم
فيما يلي اهم نقاط القوة التي تتميز بها مدرسة التصميم:
توفير إطار منهجي:
تقدم مدرسة التصميم إطارًا منهجيًا ومنظمًا لصياغة الاستراتيجية، وتحدد الخطوات التي يجب اتباعها والعوامل التي يجب مراعاتها.
التركيز على التحليل:
تؤكد هذه المدرسة على أهمية التحليل الشامل للبيئات الداخلية والخارجية للشركة، باستخدام هذا التحليل كأساس لصياغة الاستراتيجية المناسبة.
نقاط ضعف مدرسة التصميم
فيما يلي اهم نقاط ضعف مدرسة التصميم:
افتراض العقلانية المفرطة:
تفترض هذه المدرسة أن صانع القرار عقلاني تمامًا وقادر على جمع كل المعلومات الضرورية وتحليلها بدقة لاتخاذ القرار الأمثل. هذا الافتراض غير واقعي، حيث يواجه صناع القرار في الحياة الواقعية قيودًا وضغوطًا ومعلومات غير كاملة تؤثر على قراراتهم.
صعوبة التنبؤ بالمستقبل:
تفترض المدرسة أيضًا أنه يمكن التنبؤ بالمستقبل بدقة وأن الاستراتيجية المصممة في الوقت الحاضر ستظل فعّالة في المستقبل. وهذا افتراض غير واقعي آخر، حيث تتغير بيئة الأعمال باستمرار، وقد تنشأ عوامل جديدة غير متوقعة تؤثر على نجاح أي استراتيجية.
على الرغم من نقاط ضعفها، لا تزال مدرسة التصميم توفر إطارًا مفيدًا لفهم أساسيات صياغة الاستراتيجية. يمكن للشركات الاستفادة من هذه المدرسة من خلال التركيز على التحليل الشامل لبيئتها مع مراعاة حدودها ومحاولة التغلب عليها قدر الإمكان.
2. مدرسة التخطيط
ظهرت مدرسة التخطيط في سبعينيات القرن العشرين كرد فعل على القيود التي فرضتها مدرسة التصميم، وخاصة عدم قدرتها على التنبؤ بالاضطرابات والتغيرات السريعة في بيئة الأعمال. وتؤكد هذه المدرسة على أهمية عملية التخطيط المنهجية خطوة بخطوة، باستخدام التحليل الكمي والنماذج للتنبؤ بالمستقبل وإنشاء استراتيجية متينة تمكن الشركة من تحقيق أهدافها. ويمكن مقارنة عملية صياغة الاستراتيجية في هذه المدرسة برسم خريطة مفصلة لرحلة، مع تحديد جميع المحطات والمسارات والسيناريوهات المحتملة بوضوح.
رواد المدرسة:
كان إيغور أنسوف (1965) وجورج شتاينر (1969) من رواد مدرسة التخطيط. قدم أنسوف في كتابه “استراتيجية الشركة” إطارًا لتحديد “فجوة الأداء” بين موقف الشركة الحالي وأهدافها، واقترح خططًا “لسد هذه الفجوة”. من ناحية أخرى، ركز شتاينر على أهمية “التخطيط الاستراتيجي الشامل”، الذي يدمج وينسق جميع جوانب الشركة بشكل فعال.
نقاط قوة مدرسة التخطيط
من اهم نقاط القوة التي تتميز بها مدرسة التخطيط:
– الوضوح والمنهجية: توفر مدرسة التخطيط منهجية واضحة ومنظمة لصياغة الاستراتيجية، وتفصيل الخطوات والأدوات التحليلية بشكل شامل.
– التنبؤ بالمستقبل: تؤكد هذه المدرسة على أهمية التنبؤ بالتغيرات في بيئة الأعمال واستخدام التحليلات والسيناريوهات للتحضير للمستقبل.
نقاط ضعف مدرسة التخطيط
من اهم نقاط ضعف مدرسة التخطيط:
– التعقيد والبيروقراطية: يمكن أن تؤدي عملية التخطيط الرسمية إلى التعقيد والبيروقراطية، مما يجعل صياغة الاستراتيجية بطيئة ومكلفة.
– الاعتماد المفرط على التحليل الكمي: قد يتجاهل التركيز المفرط على التحليل الكمي والنماذج الرياضية العوامل النوعية والحدس وخبرة المديرين.
ويظل التحدي الرئيسي لمدرسة التخطيط هو تحقيق التوازن بين المنهجية والتحليل والمرونة والقدرة على التكيف مع الحقائق المتغيرة باستمرار في عالم الأعمال.
3. مدرسةالتمركز/ تحديد المواقع
ظهرت مدرسة تحديد المواقع في ثمانينيات القرن العشرين كرد فعل على القيود التي فرضتها المدارس السابقة في التعامل مع المنافسة المتزايدة في الأسواق. وتؤكد هذه المدرسة على أهمية اختيار “الموقع الاستراتيجي الأمثل” للشركة في المشهد التنافسي من خلال فهم بنية الصناعة والقوى التنافسية التي تشكلها.
يمكن تشبيه عملية صياغة الاستراتيجية في هذه المدرسة باختيار أفضل موقع لمتجر في مركز تسوق، مع مراعاة حركة العملاء وأنشطة المنافسين.
الرواد الرئيسيون لمدرسة تحديد المواقع
مايكل بورتر (1980) ومجموعة بوسطن الاستشارية (BCG) من بين أبرز الشخصيات في مدرسة تحديد المواقع. طور بورتر “نموذج القوى الخمس”، الذي يحلل القوى المؤثرة على جاذبية الصناعة، واقترح “استراتيجيات عامة” تساعد الشركات في اختيار موقع تنافسي مناسب، مثل القيادة من حيث التكلفة أو التمايز.
ساهمت مجموعة بوسطن الاستشارية في إعداد “مصفوفة النمو والحصة”، التي تساعد الشركات على تقييم محافظ أعمالها واختيار أفضل الاستثمارات
نقاط قوة مدرسة تحديد المواقع
مما يميز مدرسة تحديد المواقع من نقاط القوة ما ياتي:
– التحليل المنهجي لبيئة الصناعة: تقدم مدرسة تحديد المواقع أدوات تحليلية فعالة لفهم القوى التي تشكل بيئة الصناعة وتأثيرها على القدرة التنافسية.
– التركيز على الاستراتيجيات العامة: تساعد هذه المدرسة الشركات على اختيار الاستراتيجيات التنافسية المناسبة لبنية الصناعة، مثل قيادة التكلفة أو التمايز.
نقاط الضعف:
مما يميز مدرسة تحديد المواقع من نقاط ضعف ما ياتي:
– التبسيط المفرط للقدرة التنافسية: يمكن أن تؤدي مدرسة تحديد المواقع إلى رؤية مبسطة للغاية لتعقيدات المنافسة، مما قد يؤدي إلى تجاهل العوامل خارج الصناعة أو النطاق الجغرافي المحدد.
– افتراض بيئة الصناعة الثابتة: تفترض المدرسة أن بنية الصناعة والقوى التنافسية مستقرة نسبيًا، وأن اختيار الموقف الصحيح الآن يضمن النجاح في المستقبل. هذا الافتراض غير واقعي في كثير من الحالات، حيث تتغير بيئات العمل باستمرار.
بينما تركز مدرسة تحديد المواقع على التحليل واختيار أفضل موقف، إلا أنها قد تعاني من تبسيط المنافسة بشكل مفرط وافتراض بيئة صناعية مستقرة.
المدرسة | طبيعة العملية | الأهمية الرئيسية |
التصميم | التصور | التركيز على مسؤولية الرئيس التنفيذي وبساطة الاستراتيجيات الناجحة |
التخطيط | التخطيط الرسمي | تلقى اللوم حاليًا عن فشل أقسام التخطيط الاستراتيجي الرسمية |
التموضع | التحليل | قوية بشكل خاص في الشركات الكبيرة حيث يلعب مستشارو الإدارة دورًا تحليليًا |
Strategy Safari: A GUIDED TOURTHROUGH THE WILDS OF STRATEGIC MANAGEMENT
HENRY MINTZBERG, BRUCE AHLSTRAND, JOSEPH LAMPEL. 1998, THE FREE PRESS, New York.
4. مدرسة ريادة الأعمال/الانتهازية
تركز المدرسة الريادية في الإدارة الاستراتيجية، والتي ظهرت في سبعينيات القرن العشرين، على الدور المحوري الذي يلعبه “رائد الأعمال” باعتباره القوة الدافعة في صياغة وتنفيذ استراتيجية الشركة. تفترض هذه المدرسة أن رؤية القائد وحدسه وإلهامه هي أساس صياغة الاستراتيجية، في حين يأتي التحليل والتخطيط لاحقًا لدعم وتنفيذ هذه الرؤية.
غالبًا ما تتم مقارنة عملية صياغة الاستراتيجية في هذه المدرسة برحلة استكشافية إلى محيط غير معروف، حيث يوجه رائد الأعمال سفينة الشركة بناءً على الحدس والبوصلة الداخلية.
الرواد الرئيسيون لمدرسة ريادة الاعمال:
جوزيف شومبيتر (1934) وإسرائيل كيرزنر (1973) اثنان من أبرز الشخصيات في المدرسة الريادية. وصف شومبيتر رائد الأعمال بأنه “المدمر الإبداعي” الذي يقدم “مجموعات جديدة” إلى السوق، مثل المنتجات المبتكرة أو أساليب الإنتاج. من ناحية أخرى، ركز كيرزنر على قدرة رائد الأعمال الفريدة على “إدراك الفرص” التي يفشل الآخرون في ملاحظتها.
نقاط قوة مدرسة ريادة الاعمال
مما يميز مدرسة ريادة الاعمال من نقاط القوة ما ياتي:
– التركيز على الرؤية والحدس: تشجع هذه المدرسة الاستفادة من رؤية رائد الأعمال وحدسه لصياغة استراتيجيات جريئة ومبتكرة.
– المرونة والسرعة: تؤكد مدرسة ريادة الأعمال على أهمية المرونة والتكيف السريع مع الفرص الجديدة وتحديات السوق المتغيرة.
نقاط ضعف مدرسة الاعمال
مما يميز مدرسة ريادة الاعمال من نقاط القوة ما ياتي:
– الاعتماد على الفرد: تضع هذه المدرسة تأكيدًا كبيرًا على دور القائد، مما قد يؤدي إلى فشل الاستراتيجية إذا كان القائد يفتقر إلى الرؤية والقدرات اللازمة.
– صعوبة التعميم: يصعب تعميم مبادئ هذه المدرسة على جميع الشركات، لأنها تعتمد بشكل كبير على شخصية وقدرات رائد الأعمال.
في حين أن مدرسة ريادة الأعمال فعالة للغاية في تعزيز الابتكار والنمو، يجب على الشركات أن تضع في اعتبارها نقاط ضعفها، وخاصة الاعتماد الكبير على الفرد والتحدي المتمثل في تطبيق مبادئها عالميًا.
5. المدرسة المعرفية / الإدراكية/الارتباطية
المدرسة المعرفية في الإدارة الاستراتيجية، والتي ازدهرت في الثمانينيات والتسعينيات، تركز على “العمليات المعرفية“ التي تحدث داخل عقل المخطط الاستراتيجي أثناء صياغة الاستراتيجية. تقترح هذه المدرسة أن الاستراتيجية ليست نتاجًا لتحليل عقلاني بحت، بل تتشكل أيضًا بواسطة “الخرائط الذهنية والنماذج“ التي يستخدمها المدراء لفهم العالم من حولهم .
غالبًا ما تُشبه عملية صياغة الاستراتيجية في هذه المدرسة بحل لغز معقد، حيث يحاول المخطط الاستراتيجي تجميع الأجزاء المختلفة بناءً على تصوره الشخصي للصورة الكلية.
الرواد الرئيسيون للمدرسة المعرفية
هربرت سايمون (1947) وجيمس مارش (1958) هما من أبرز الشخصيات في المدرسة المعرفية. قدم سايمون مفهوم “الرشد المحدود“، والذي يشير إلى أن قدرة الإنسان على معالجة المعلومات محدودة، مما يدفع الأفراد إلى الاعتماد على التبسيط والاختصارات لاتخاذ القرارات. كما طور مارش وسايمون “نموذج سلة المهملات“، والذي يسلط الضوء على الطبيعة الفوضوية والعشوائية أحيانًا لاتخاذ القرارات في المنظمات.
نقاط قوة المدرسة المعرفية
مما يميز المدرسة المعرفية من نقاط قوة ما ياتي:
- التركيز على العنصر البشري: تؤكد هذه المدرسة على الدور المهم للعوامل المعرفية في صياغة الاستراتيجية، مما يساعد على فهم كيفية تفكير المدراء واتخاذهم للقرارات.
- استخدام الاستعارات والنماذج: تشجع المدرسة المعرفية على استخدام الاستعارات والنماذج الذهنية لتبسيط المعلومات المعقدة وجعل عملية اتخاذ القرار أكثر سهولة.
نقاط ضعف المدرسة المعرفية
مما يميز المدرسة المعرفية من نقاط ضعف ما ياتي:
- التركيز الضيق: تركز المدرسة بشكل أساسي على العمليات المعرفية الداخلية وغالبًا ما تتجاهل العوامل الخارجية التي قد تؤثر على اتخاذ القرارات.
- صعوبة القياس: يصعب قياس العمليات المعرفية وتحديدها، مما يجعل من الصعب تحديد تأثيرها الدقيق على صياغة الاستراتيجية.
للاستفادة من المدرسة المعرفية، يجب على الشركات التركيز على فهم “الخرائط الذهنية والنماذج“ التي يستخدمها مدرائها وتشجيع التفكير النقدي والتعلم المستمر لتطوير رؤى أكثر شمولية وواقعية.
6. مدرسة التعلم
تُركّز مدرسة التعلم، التي برزت بشكل بارز في أدبيات الإدارة الاستراتيجية في الثمانينيات والتسعينيات، على “التعلم المستمر” كمحرك أساسي لتطور وتكيف الاستراتيجية. وتفترض هذه المدرسة أن الاستراتيجية ليست خطة ثابتة يتم تصميمها مرة واحدة، بل هي “عملية مستمرة من التجربة والتعلم والتعديل” (Mintzberg et al.، 1998). وتُشبه عملية صياغة الاستراتيجية في هذه المدرسة برحلة طويلة على طريق متعرج، حيث يتعلم السائق ويحسن قيادته مع كل منعطف.
رواد مدرسة التعلم
يعد جيمس كوين (1980) وبيتر سينج (1990) من أبرز رواد مدرسة التعلم. قدم كوين مفهوم “الزيادة التدريجية المنطقية”، الذي يقترح أن الاستراتيجية تتطور من خلال سلسلة من القرارات الصغيرة والتعديلات التراكمية. من ناحية أخرى، أكد سينج على أهمية “التعلم التنظيمي” و”المنظمات المتعلمة” القادرة على التعلم من التجارب وتكييف سلوكها باستمرار.
نقاط قوة مدرسة التعلم
تتميز مدرسة التعلم بنقاط قوة ، منها ما يأتي:
التكيف: تساعد مدرسة التعلم الشركات على التكيف مع التغيرات في بيئة الأعمال وصياغة استراتيجيات مرنة تناسب الظروف الجديدة.
التطور: تؤكد هذه المدرسة على أهمية التعلم المستمر وتحسين الاستراتيجية بمرور الوقت.
نقاط ضعف مدرسة التعلم
تتمثل نقاط ضعف مدرسة التعلم ، منها ما يأتي:
الصعوبة: قد يكون من الصعب تطبيق مبادئ هذه المدرسة على الشركات التي تتطلب خططًا محددة وواضحة للمستقبل، حيث تتطور الاستراتيجية في هذه المدرسة تدريجيًا بمرور الوقت.
قلة السيطرة: قد تعاني هذه المدرسة من قلة السيطرة على اتجاه الاستراتيجية، حيث تعتمد بشكل كبير على التجربة والخطأ.
للتنفيذ الفعال لمدرسة التعلم، يجب على الشركات بناء ثقافة التعلم المستمر داخل المنظمة، وتشجيع التجريب والابتكار وتبادل المعرفة بين الموظفين.
7. مدرسة القوة
ظهرت مدرسة القوة بشكل بارز في الثمانينيات، وتركز على “ديناميكيات القوة والتأثير” كعوامل رئيسية في صياغة وتنفيذ الاستراتيجيات. وتفترض هذه المدرسة أن المنافسة الاستراتيجية ليست مجرد مسابقة عقلانية بين الشركات، بل هي أيضًا “صراع على القوة والتأثير” (Mintzberg، 1983، ص 235). يمكن تشبيه عملية صياغة الاستراتيجية في هذه المدرسة بالمسابقة السياسية، حيث تسعى كل جهة للحصول على أكبر قدر ممكن من القوة والتأثير لتحقيق أهدافها.
رواد مدرسة القوة
يعد جيفري بفيفر Pfeffer) ، 1978) وهنري مينتزبرج ( Mintzberg، (1983 من أبرز رواد مدرسة القوة. شدد بفيفر، في “نظرية الاعتماد على الموارد”، على أهمية قوة التفاوض لدى الموردين وكيف يمكنهم استخدام قوتهم للتأثير على قرارات الشركة. من ناحية أخرى، حلل مينتزبرج مظاهر “القوة الداخلية” داخل المنظمات وكيف تؤثر على صياغة الاستراتيجية.
نقاط قوة مدرسة القوة :
تتميز مدرسة القوة بنقاط قوة ، منها ما يأتي:
الواقعية: تقدم مدرسة القوة نظرة واقعية للديناميكيات التنافسية، وتشير إلى أن القوة والتأثير ليسا بالضرورة عوامل سلبية، بل يمكن استخدامهما استراتيجيًا لتحقيق المصالح المشتركة.
التفكير: تشجع هذه المدرسة على التفكير الاستباقي وتحديد مصادر القوة المحتملة للشركة، بالإضافة إلى وضع خطط للاستخدام الفعال لتلك القوة.
نقاط ضعف مدرسة القوة
تتمثل نقاط ضعف مدرسة القوة فيما يأتي:
التركيز: تركز هذه المدرسة بشكل أساسي على القوة والتأثير، مما قد يؤدي إلى إهمال عوامل أخرى تؤثر على صياغة الاستراتيجية.
التبسيط المفرط: تفترض مدرسة القوة أحيانًا أن القوة والتأثير هما العاملان الوحيدان اللذان يحددان النجاح الاستراتيجي، وهو تبسيط مفرط للواقع المعقد.
للاستفادة من مدرسة القوة، يجب على الشركات أن تفهم مصادر قوتها وكيفية استخدامها بأخلاقية وفعالية، مع مراعاة حدود هذه المدرسة ومحاولة التغلب عليها قدر الإمكان.
8. المدرسة الثقافية
تُركز المدرسة الثقافية في الإدارة الاستراتيجية، التي ازدهرت في الثمانينيات والتسعينيات، على “الثقافة المؤسسية” باعتبارها المحرك الرئيسي لصياغة وتنفيذ الاستراتيجية. تفترض هذه المدرسة أن القيم والمعتقدات والممارسات المشتركة بين أعضاء المنظمة تؤثر بشكل كبير على تفكيرهم وسلوكهم، وبالتالي، الاستراتيجيات التي يتبنونها. من منظور المدرسة الثقافية، يمكن تشبيه الشركة بفريق كرة القدم، حيث يحدد روح الفريق والقيم المشتركة أداء اللاعبين.
رواد المدرسة:
يعد إيدغار شاين Edgar Schein (1985) وترنس ديل وألان كينيدي Terence Deal and Allan Kennedy (1982) من أبرز رواد المدرسة الثقافية. عرّف شاين الثقافة التنظيمية بأنها “نمط من الافتراضات الأساسية – التي ابتكرتها أو اكتشفتها أو طورها مجموعة معينة أثناء تعلمها للتكيف مع مشاكلها الخارجية والداخلية – التي نجحت بما يكفي لاعتبارها صالحة، وبالتالي، ليتم تدريسها للأعضاء الجدد كطريقة صحيحة لتفهم وتفكر وتشعر فيما يتعلق بهذه المشاكل”. من ناحية أخرى، أكد ديل وكينيدي على أهمية “القصص والرموز والطقوس” في بناء ثقافة قوية وفعالة.
نقاط قوة المدرسة الثقافية
تتميز المدرسة الثقافية بنقاط قوة ، منها ما يأتي:
الفهم: توفر المدرسة الثقافية فهماً شاملاً للمنظمة، مشيرة إلى أن الثقافة تؤثر على جميع جوانب المنظمة، بما في ذلك الاستراتيجية.
الاستدامة: تعد الثقافة مصدراً مستداماً للميزة التنافسية حيث يصعب على المنافسين تقليدها.
نقاط ضعف المدرسة الثقافية
من ابرز نقاط ضعف المدرسة الثقافية ما يأتي:
الصعوبة: من الصعب قياس الثقافة المؤسسية وتحديد تأثيرها على الأداء بشكل كمي.
المقاومة للتغيير: قد تعيق الثقافة القوية التغيير والابتكار، مما يجعل من الصعب تكييف الاستراتيجية مع الظروف المتغيرة.
للاستفادة من المدرسة الثقافية، يجب على الشركات الاستثمار في بناء ثقافة قوية وإيجابية، مع مراعاة أهمية المرونة والتكيف مع التغيرات في البيئة الخارجية.
المدرسة | طبيعة العملية | الأهمية الرئيسية |
الريادية | الرؤية | التركيز على الرؤية للمستقبل. أهميتها بالنسبة للشركات الناشئة، أو الشركات التي تمر بعملية تحول، أو الشركات التي يوجد بها قائد كاريزمي. |
المعرفية | العملية العقلية | تدرس العمليات العقلية وخرائط القادة الذهنية. تبحث في الومضات الإبداعية التي قد تنشأ منها الاستراتيجية. |
التعلمية | الناشئة | ترى التخطيط كأداة للتعلم. قد تنجح المؤسسة القادرة على التعلم والتكيف في عالم غير مؤكد. |
القوة | التفاوض | تدرس عمليات القوة والتفاوض التي تتشكل من خلالها الاستراتيجيات في المؤسسات. |
الثقافية | العملية الجماعية | تستمد الاستراتيجيات من عملية جماعية وثقافة المؤسسة التي قد تكون فريدة من نوعها وبالتالي مصدرًا للميزة التنافسية. |
البيئية | العملية التفاعلية | تتجمع المنظمات في بيئات بيئية متميزة حتى تصبح الموارد نادرة أو الظروف معادية. ثم تموت. |
Strategy Safari: A GUIDED TOURTHROUGH THE WILDS OF STRATEGIC MANAGEMENT
HENRY MINTZBERG, BRUCE AHLSTRAND, JOSEPH LAMPEL. 1998, THE FREE PRESS, New York.
9. مدرسة النظم
تُركز مدرسة النظم في الإدارة الاستراتيجية، التي ظهرت في الخمسينيات والستينيات، على فكرة أن المنظمة ليست مجرد مجموعة من الأجزاء المنفصلة، بل هي نظام متكامل حيث يؤثر كل عنصر على الآخر، كما يؤثر البيئة الخارجية على الكل. تشبه هذه المدرسة الشركة بآلة معقدة يجب أن تكون جميع أجزائها متوازنة حتى يعمل النظام بكفاءة (أكوف، 1970).
رواد المدرسة:
كان رواد مثل روبرت أكوف (أكوف، 1970) وهنري مينتزبيرج (مينتزبيرج، وآخرون، 1998) من أبرز من سلطوا الضوء على أهمية النظر إلى المنظمات كنظم مترابطة. ركز أكوف على العلاقات والتفاعلات داخل المنظمة وكيفية تكيفها مع البيئة الخارجية، بينما ركز مينتزبيرج على أجزاء المنظمة ووظائفها وكيفية تفاعلها مع بعضها البعض ومع العوامل الخارجية.
نقاط قوة مدرسة النظم
تتميز مدرسة النظم بنقاط قوة ، منها ما يأتي:
الترابط: تسلط هذه المدرسة الضوء على أهمية الروابط والتكامل بين أجزاء المنظمة وبينها وبين البيئة الخارجية، مما يساعد في فهم ديناميكيات المنظمة ككل.
التنبؤ: تساعد هذه المدرسة في التنبؤ بآثار القرارات الاستراتيجية على أنظمة متعددة داخل المنظمة، مع مراعاة الآثار غير المباشرة للتغييرات.
نقاط ضعف مدرسة النظم
تتمثل ابرز نقاط ضعف مدرسة النظم في ما يأتي:
التركيب: قد تصبح عملية التحليل والتخطيط معقدة للغاية بسبب الروابط المتعددة للمنظمة والعلاقات المعقدة مع البيئة الخارجية.
القصور: قد تتجاهل مدرسة النظم دور الرؤية والحدس والقدرة على الابتكار في صياغة الاستراتيجيات.
للاستفادة من مدرسة النظم، يجب على الشركات أن تدرك الروابط والتأثيرات المتبادلة بين المكونات ومع البيئة، وأن تدير هذه العوامل بدقة.
10. النظرة القائمة على الموارد
تؤكد النظرة القائمة على الموارد في الإدارة الاستراتيجية على أن الموارد والقدرات الداخلية للشركة تشكل مصدرًا حاسمًا لميزتها التنافسية. وتشير هذه المدرسة الفكرية إلى أن الشركات المختلفة تمتلك مزيجًا فريدًا من الموارد والقدرات، ويعتمد النجاح على مدى فعالية الشركة في الاستفادة من هذه الموارد (بارني، 1991).
الافتراضات والمبادئ:
تفترض النظرة القائمة على الموارد أن:
– الموارد غير متجانسة: تتمتع كل شركة بمجموعة فريدة من الموارد والقدرات، وهذه الاختلافات هي المفتاح لتطوير ميزة تنافسية مستدامة.
– الموارد غير قابلة للنقل بسهولة: من الصعب على الشركات الأخرى تكرار أو الحصول على هذه الموارد بسرعة، حيث إن الموارد غير الملموسة والمهارات المتخصصة والعلاقات مع الموردين والعملاء ليست متاحة بسهولة.
– الموارد القيمة والنادرة والفريدة من نوعها: لتحقيق ميزة تنافسية مستدامة، يجب أن تمتلك الشركة موارد قيمة ونادرة ويصعب تقليدها.
رواد المدرسة:
جيمس بارني (1991) هو شخصية رائدة في منظور القيمة القائمة على أساس التفضيلات. ومن بين المساهمين البارزين الآخرين فيرنرفيلت (1984) ، الذي طور أيضًا أفكارًا أساسية في هذه المدرسة الفكرية.
نقاط قوة النظرة القائمة على الموارد
تتميز مدرسة النظرة القائمة على الموارد بنقاط قوة ، منها ما يأتي:
– التركيز على الموارد الداخلية: تسلط هذه المدرسة الضوء على أهمية المتغيرات الداخلية للشركة في تحقيق النجاح، مع التركيز على كيفية قيام الشركات ببناء قدراتها من الداخل.
– التركيز على الاستدامة: تقدم نظرة ثاقبة حول كيفية تمكن الشركات من خلق مزايا تنافسية مستدامة من خلال الاستثمار في الموارد والقدرات الداخلية، على عكس مدرسة تحديد المواقع، التي تركز بشكل أكبر على العوامل الخارجية.
نقاط ضعف النظرة القائمة على الموارد
تتمثل نقاط ضعف مدرسة النظرة القائمة على الموارد في ما يأتي:
– صعوبة قياس الموارد غير الملموسة: بعض الموارد والقدرات، مثل ثقافة الشركة وسلوك الموظفين، يصعب قياسها وتقييمها، مما يجعل من الصعب تقييم تفردها وندرتها بدقة.
– افتراض استقرار الموارد: تفترض القيمة النسبية للموارد أن الموارد تظل مستقرة بمرور الوقت، ولكن في الواقع، تتطور الموارد والقدرات وتتغير مع المنافسة وديناميكيات السوق.
لبناء ميزة تنافسية مستدامة بناءً على القيمة النسبية للموارد، يجب على الشركات التركيز على إنشاء مزيج قوي من الموارد والقدرات الداخلية مع التكيف بشكل فعال مع التغيرات البيئية.
11. المدرسة المؤسسية
تركز المدرسة المؤسسية في الإدارة الاستراتيجية على تأثير العوامل الاجتماعية والثقافية والمؤسسية على سلوك الشركات. فالمنظمات ليست مجرد كيانات اقتصادية لها أهدافها واستراتيجياتها الخاصة؛ بل إنها تخضع لقواعد ومعايير مستمدة من المجتمع والمؤسسات المحيطة بها.
الافتراضات والمبادئ:
تفترض المدرسة المؤسسية أن:
– المنظمات تتبع نماذج راسخة: لا تتصرف الشركات بشكل مستقل تمامًا ولكنها تتبع نماذج وأنماط سلوكية محددة تحددها المؤسسات المحيطة.
– المؤسسات الخارجية مهمة: تؤثر المعايير الاجتماعية والتقاليد والقوانين واللوائح والمؤسسات الخارجية بشكل كبير على سلوك الشركة واتخاذ القرار.
– المنافسة في البيئات المشتركة: لا يُنظر إلى المنافسة بمعزل عن غيرها بل كجزء من إطار مؤسسي أكبر حيث تتعايش الشركات وتعمل في ظل ظروف مشتركة.
رواد المدرسة:
جون ديماجيو (ديماجيو وباول، 1983) و مايكل ماير (ماير وروان، 1977) من الشخصيات الرئيسية في هذه المدرسة الفكرية. لقد أوضحا كيف يشكل التأثير الاجتماعي السلوك التنظيمي وأكدا أن الشركات تسعى غالبًا إلى الامتثال لقواعد مؤسسية معينة لخلق بيئة منعشة ومنظمة.
نقاط قوة المدرسة المؤسسة
تتميز المدرسة المؤسسية بنقاط قوة ، منها ما يأتي:
– إبراز العوامل الاجتماعية: تعالج هذه المدرسة بشكل مباشر تأثير القوى الاجتماعية والمؤسسية على الاستراتيجيات والسلوك التنظيمي، مما يساعد الباحثين والمديرين على اكتساب فهم أعمق للبيئة التي يعملون فيها.
– التركيز على التكيف: تسلط المدرسة المؤسسية الضوء على كيفية تكيف المنظمات مع البيئة والمؤسسات المحيطة بها، مما يساعد الشركات على بناء استراتيجيات تتوافق مع سياقها وتضمن البقاء والنجاح على المدى الطويل.
نقاط ضعف المدرسة المؤسسية
تتمثل نقاط ضعف المدرسة المؤسسية في ما يأتي:
– تجاهل العوامل الداخلية: قد تهمل هذه المدرسة أهمية العوامل الداخلية المتخصصة، مثل القدرات والموارد الفريدة للشركة.
– التعقيد والغموض: يمكن أن تصبح عملية التحليل والتخطيط معقدة بسبب العوامل الاجتماعية والمؤسسية المتعددة المتداخلة التي تؤثر على سلوك الشركة.
يساعد فهم المدرسة المؤسسية الشركات على التكيف مع المؤسسات ومعايير السوق، مما يمكنها من صياغة استراتيجيات أكثر فعالية تتماشى مع حقائقها الاجتماعية.
12. المدرسة البيئية
تُركز المدرسة البيئية في الإدارة الاستراتيجية، التي ازدهرت في الثمانينيات، على “البيئة الخارجية” للشركة كمحدد رئيسي للاستراتيجية. وتفترض هذه المدرسة أن الشركات ليست “القوة الدافعة الرئيسية” لصياغة الاستراتيجية، بل عامل مهم يجب أخذه في الاعتبار جنبًا إلى جنب مع عوامل أخرى مثل قدرات الشركة ومواردها (بورتر، 1985). وتُشبه عملية صياغة الاستراتيجية في هذه المدرسة بسفينة تبحر في محيط مضطرب، حيث يجب على القبطان أن يعدل مساره ليناسب الأمواج والرياح.
رواد المدرسة:
يُعد مايكل بورتر (1980؛ 1985) ومايكل هانان وجون فريمان (هانان وفريمان، 1977) من أهم رواد المدرسة البيئية. ركز بورتر على أهمية “تحليل الصناعة” و”القوى الخمس” التي تؤثر على جاذبية الصناعة، وكذلك أهمية “التكيف” مع هذه القوى لتحقيق ميزة تنافسية. من ناحية أخرى، قدم هانان وفريمان نظرية “علم البيئة السكانية للمنظمات”، التي تقترح أن بقاء الشركات يعتمد على قدرتها على “التكيف” مع بيئتها.
نقاط قوة المدرسة البيئية
التركيز على العوامل الخارجية: تلقي هذه المدرسة الضوء على أهمية العوامل الخارجية في تشكيل الاستراتيجية، وتساعد الشركات على فهم قيود وفرص بيئة أعمالها. التأهب: تشجع هذه المدرسة الشركات على الاستعداد للتغيرات في البيئة الخارجية، وتطوير استراتيجيات مرنة تساعدهم على التكيف مع هذه التغيرات.
نقاط ضعف المدرسة البيئية
التبسيط: في بعض الأحيان، تُبالغ هذه المدرسة في التأكيد على أهمية البيئة الخارجية، وتُهمل دور العوامل الداخلية في صياغة الاستراتيجية.
الافتقار: تفترض هذه المدرسة أن الشركات “تُدفع” بقوى السوق، وأن قدرتها على “التحكم” في مستقبلها محدودة، وهو افتراض مثير للجدل.
للاستفادة من المدرسة البيئية، يجب على الشركات الاستثمار في “مراقبة البيئة الخارجية” بشكل مستمر، وتطوير “سيناريوهات محتملة” للمستقبل، وبناء “مرونة استراتيجية” تمكنهم من التكيف مع التغيرات بفعالية.
13. مدرسة الابتكار المُفتوح
ظهرت مدرسة الابتكار المفتوح في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وتركز على “التجاوز حدود الشركة” في عملية الابتكار. وتفترض هذه المدرسة أن الابتكار لا ينبغي أن يقتصر على الموارد والخبرات الداخلية، بل يجب أن يستفيد أيضًا من المعرفة والأفكار الخارجية. ويمكن تشبيه الشركة، من وجهة نظر مدرسة الابتكار المفتوح، بنظام بيئي للابتكار تتفاعل فيه الشركة مع مجموعة من الشركاء الخارجيين لتبادل المعرفة وتطوير منتجات وخدمات جديدة.
رواد المدرسة:
يعد هنري تشيسبرو (Chesbrough, 2003) أحد أبرز رواد مدرسة الابتكار المفتوح. قدم تشيسبرو مفهوم “الابتكار المفتوح” كاستراتيجية للتعامل مع التعقيد والتغير السريع في بيئة الأعمال. وأكد على أهمية بناء “نظام بيئي للابتكار” يضم مجموعة متنوعة من الشركاء، بما في ذلك المنافسون والموردون والجامعات.
نقاط قوة مدرسة الابتكار المفتوح
تتميز مدرسة الابتكار المفتوح بنقاط قوة ، منها ما يأتي:
الاستفادة من مجموعة واسعة من الموارد: تتيح مدرسة الابتكار المفتوح للشركات الاستفادة من مجموعة واسعة من الموارد والخبرات الخارجية، بما في ذلك المعرفة والتكنولوجيا ورأس المال البشري.
التكيف: تساعد هذه المدرسة الشركات على التكيف مع التغيرات السريعة في بيئة الأعمال من خلال الاستفادة من الابتكارات الخارجية ودمجها في منتجاتها وخدماتها.
نقاط ضعف مدرسة الابتكار المفتوح
من اهم نقاط ضعف مدرسة الابتكار المفتوح ، ما يأتي:
التعقيد الإداري: يمكن أن يؤدي إدارة شبكة واسعة من الشركاء الخارجيين إلى تعقيد إداري وصعوبات في التنسيق والتحكم.
المشاركة: قد تواجه الشركات تحديات في حماية الملكية الفكرية الخاصة بها عند التعاون مع شركاء خارجيين.
للاستفادة من مدرسة الابتكار المفتوح، يجب على الشركات بناء “ثقافة الانفتاح” التي تشجع على التعاون ومشاركة المعرفة مع الكيانات الخارجية، وتطوير آليات فعالة لإدارة العلاقات مع الشركاء وحماية الملكية الفكرية الخاصة بهم.
14. مدرسة ريادة الأعمال الاجتماعية
تُركز مدرسة ريادة الأعمال الاجتماعية ضمن الإدارة الاستراتيجية على دمج المسؤولية الاجتماعية والبيئية في صميم استراتيجية الشركة. وتفترض هذه المدرسة أن الشركة ليست مجرد كيان اقتصادي، بل لها أيضًا دور في خدمة المجتمع والحفاظ على الموارد (فريمان، 1984). ويمكن تشبيه الشركة ببلدة صغيرة تهتم بخلق القيمة لأعضائها والمجتمع المحيط بها.
رواد المدرسة:
يُعد ريتشارد إي. فريمان (فريمان، 1984) وجيمس شيحان (شيحان وفريمان، 2014) من أبرز رواد هذه المدرسة. وقد قدم فريمان مفهوم “أصحاب المصلحة”، الذي يشير إلى جميع الأطراف المتأثرة والمستفيدة من أنشطة الشركة، بما في ذلك العملاء والموظفون والمجتمع المحلي.
نقاط قوة مدرسة ريادة الأعمال الاجتماعية
تتميز مدرسة ريادة الاعمال الاجتماعية بنقاط قوة ، منها ما يأتي:
تشجيع التنبؤ: تشجع مدرسة ريادة الأعمال الاجتماعية على التفكير في المستقبل والتأثيرات الاجتماعية والبيئية لأنشطة الشركة.
معالجة المشاكل المجتمعية: تسلط هذه المدرسة الضوء على أهمية معالجة المشاكل التي يواجهها المجتمع المحيط، مثل التلوث البيئي.
نقاط ضعف مدرسة ريادة الاعمال الاجتماعية
تتمثل نقاط الضعف لمدرسة ريادة الاعمال الاجتماعية في ما يأتي:
التوازن الدقيق: يمكن أن يجعل دمج المسؤولية الاجتماعية من الصعب على الشركات التركيز على الربحية، وقد تواجه الشركات التي تقدم منتجات وخدمات بأسعار أعلى لأنها تخصص أجزاء من أرباحها للأسباب الاجتماعية انتقادات.
المبالغة في الادعاءات: قد يجد رواد الأعمال الاجتماعيين صعوبة في تقديم أدلة مقنعة على ملاءمة التغييرات المقترحة والتمييز بين المشكلة الاجتماعية وفرصة الربح.
15. المدرسة الرقمية
تؤكد المدرسة الرقمية في الإدارة الاستراتيجية على الدور الحاسم الذي تلعبه التكنولوجيا الرقمية في تشكيل وتنفيذ الاستراتيجيات. وهي تنظر إلى البيانات والشبكات وتكنولوجيا المعلومات ليس فقط كأدوات بل كقوى تعيد تشكيل البيئة وإعادة تعريف مناهج الإدارة الاستراتيجية.
الافتراضات والمبادئ:
تعمل المدرسة الرقمية وفقًا لعدة افتراضات رئيسية:
– البيانات كمصدر للطاقة: البيانات التي يتم جمعها وتحليلها بمساعدة التكنولوجيا هي مورد بالغ الأهمية لفهم السوق وسلوك العملاء والمنافسين والتأثيرات الخارجية.
– الشبكات تحول التفاعلات: تعمل الشبكات والمنصات الرقمية على تغيير كيفية تفاعل الشركات مع عملائها ومورديها ومنافسيها ومستثمريها بشكل أساسي.
– الابتكار التكنولوجي السريع: يضغط الوتيرة السريعة للابتكار الرقمي على الشركات للتكيف والابتكار بشكل مستمر للبقاء قادرة على المنافسة.
رواد المدرسة:
على الرغم من صعوبة تحديد رواد محددين لهذه المدرسة، نظرًا للتطور المستمر للتكنولوجيا الرقمية، فإن العديد من الخبراء و المؤلفين و المؤسسات الأكاديمية يساهمون في وضع نظريات وتدريس وتطوير أدوات وتقنيات جديدة للإدارة الاستراتيجية في عالم الأعمال المتصل رقميًا.
نقاط قوة المدرسة الرقمية
– تحليلات البيانات والرؤى: يتيح جمع وتحليل البيانات الرقمية فهمًا تفصيليًا للأسواق والمنافسين واحتياجات العملاء المحددة، مما يسمح بصياغة استراتيجية أكثر دقة وفعالية.
– زيادة القدرة على التكيف: نظرًا للتقدم السريع للتكنولوجيا الرقمية، تشجع هذه المدرسة الشركات على مواكبة التطورات والابتكارات الجديدة باستمرار.
نقاط ضعف المدرسة الرقمية
– الاعتماد المفرط على التكنولوجيا: يمكن أن تصبح الشركات معتمدة بشكل مفرط على التكنولوجيا الرقمية، مما يشكل مخاطر إذا لم تتم معالجة نقاط الضعف والثغرات المحتملة بشكل صحيح.
– التعلم المستمر مطلوب: تتطلب الوتيرة السريعة للتغير التكنولوجي من الشركات الانخراط في التعلم والتكيف المستمرين، الأمر الذي قد يتطلب موارد مكثفة.
أمثلة:
أمازون هي مثال رئيسي لشركة تستخدم التكنولوجيا الرقمية في صياغة الاستراتيجية، وتستخدم كميات هائلة من البيانات لفهم عملائها وتعديل خدماتها وأساليبها، مما يؤدي إلى نجاح ملحوظ في السوق (مثال افتراضي).
للاستفادة من المدرسة الرقمية بشكل فعال، يجب على الشركات الاستثمار في التكنولوجيا وإدارة البيانات والشبكات بكفاءة والحفاظ على نهج مستدام للتحول الرقمي.
الخاتمة
إن جميع المدارس الفكرية للإدارة الاستراتيجية قد لعبت دورًا حيويًا في تطور هذا المجال، ولا يمكن حصر المساهمة في مدارس محددة. كل مدرسة قدمت رؤى فريدة وأطرًا تحليلية مختلفة، مما ساهم في تكوين فهم أكثر شمولية للإدارة الاستراتيجية.
لماذا لا يمكن حصر المساهمة في مدارس محددة؟
التنوع في المنظمات: لا توجد نظرية واحدة تناسب جميع المنظمات في جميع الظروف. كل منظمة فريدة من نوعها وتواجه تحديات خاصة بها، مما يتطلب تطبيق مزيج من الأفكار المستمدة من مدارس فكرية مختلفة.ت التكنولوجية والاجتماعية والاقتصادية، والبحث عن أفكار جديدة
التكامل والتطور: المدارس الفكرية ليست منفصلة تمامًا، بل تتداخل وتتطور بمرور الوقت. الأفكار من مدرسة واحدة غالبًا ما تتأثر وتؤثر في مدارس أخرى، مما يؤدي إلى تكوين فهم أكثر تعقيدًا للإدارة الاستراتيجية.
الظروف المتغيرة: كل مدرسة ظهرت في سياق تاريخي واجتماعي واقتصادي معين، مما شكل أفكارها ومبادئها. مع تغير هذه الظروف، تطورت المدارس الفكرية أيضًا لتتكيف مع التحديات الجديدة.