Enter your email address below and subscribe to our newsletter

أهداف البحث: خارطة طريق الباحث في رحلة الدكتوراه، نحو وجهة واضحة.

أهداف البحث، أسئلة فرعية، فرضيات: خارطة طريق الباحث في رحلة الدكتوراه

Share your love

تتربع رحلة الدكتوراه كرحلة استكشافية عميقة، تتطلب من الباحثين ليس فقط امتلاك المعرفة، بل أيضًا القدرة على توظيفها بشكل منهجي ومتقن. في هذه الرحلة، تتجلى قوة إشكالية البحث (السؤال الرئيس) كمنارة تهدي الباحث نحو المناطق المجهولة، وتحدد له المسار الذي يجب أن يسلكه، وتساعده في وضع أقدامه على أرض صلبة من المعرفة. ولكن، لا يكتمل هذا المسار إلا بتحديد أهداف البحث التي تمثل الغايات المنشودة، والأسئلة الفرعية التي تفصل الأبعاد المتشعبة للإشكالية، والفرضيات التي تقترح حلولًا محتملة وقابلة للاختبار. هذه العناصر ليست مجرد متطلبات شكلية يجب على الباحث الالتزام بها، بل هي أدوات حيوية تساعده في تحقيق فهم أعمق وأكثر شمولية للموضوع المدروس.

هذه المقالة تأتي لتسلط الضوء على العلاقة التكاملية بين هذه العناصر الأساسية، مع التركيز بشكل خاص على أهداف البحث، التي تمثل الغايات التي يسعى الباحث إلى تحقيقها في نهاية المطاف. فبينما تمثل الإشكالية نقطة الانطلاق، والأسئلة الفرعية تفتح آفاقًا جديدة للاستكشاف، والفرضيات تقدم حلولاً مقترحة، فإن الأهداف هي التي تحدد الوجهة النهائية للبحث، وتضمن أن يكون الجهد المبذول ذا قيمة وأثر حقيقيين. وبصفتي باحثًا ومستشارًا في مجال التعليم العالي، أؤمن بأن الفهم العميق لهذه العلاقة هو أساس النجاح في رحلة الدكتوراه، وتمكين الباحثين من المساهمة الفعالة في مجالات العلوم الإدارية والاقتصادية

أولًا: إشكالية البحث (السؤال الرئيس): نقطة الانطلاق الكلية

في رحلة البحث العلمي، يمثل تحديد إشكالية البحث (أو السؤال الرئيس) الخطوة الأولى والأكثر أهمية. إنها ليست مجرد تساؤل عابر يطرحه الباحث، بل هي نقطة الانطلاق التي تحدد مسار البحث بأكمله، وتوجه جهود الباحثين نحو استكشاف المجهول والإسهام في بناء المعرفة. فإشكالية البحث، في جوهرها، تمثل التحدي الفكري الذي يسعى الباحث لمواجهته، والمشكلة التي يطمح إلى فهمها أو حلها، أو القضية التي يرى فيها أهمية تستحق الدراسة المتعمقة.

تعريف إشكالية البحث (السؤال الرئيس):

يمكن تعريف إشكالية البحث (أو السؤال الرئيس) بأنها التساؤل أو الاستفسار العام الذي يثير فضول الباحث ويوجه اهتمامه نحو موضوع معين. إنها، بمعنى آخر، التعبير عن المشكلة أو القضية الأساسية التي يسعى البحث إلى معالجتها. وتتميز الإشكالية البحثية بأنها:

  1. التساؤل أو الاستفسار العام الذي يثير فضول الباحث ويوجه اهتمامه نحو موضوع معين: إنها الشرارة التي تشعل فتيل البحث، وتدفع الباحث إلى استكشاف جوانب غير واضحة أو غير مفهومة في مجال تخصصه. وهذا الفضول أو الاهتمام هو الذي يضمن أن يكون الباحث متحمسًا لإتمام البحث وتقديم إضافة حقيقية.
  2. تحديد طبيعة المشكلة أو القضية التي يسعى البحث إلى معالجتها: الإشكالية ليست مجرد سؤال فضفاض، بل هي تحديد دقيق لطبيعة المشكلة أو القضية التي ستكون محور اهتمام البحث. هذا التحديد يساعد الباحث على تركيز جهوده وتجنب التشتت في جوانب غير ذات صلة. فمثلا، ليس كافيًا أن يقول الباحث “سأدرس أثر التكنولوجيا في الشركات”، بل يجب أن يكون أكثر تحديدًا: “سأدرس أثر التحول الرقمي على القدرة التنافسية للشركات الصغيرة والمتوسطة”.
  3. تمثيل الغاية الكلية للبحث والمساهمة التي يقدمها: الإشكالية تعكس الغاية الكلية التي يسعى البحث إلى تحقيقها، والمساهمة التي يتوقع الباحث أن يقدمها في مجال تخصصه. هذه الغاية ليست مجرد إضافة معلومات جديدة، بل هي تقديم فهم أعمق، أو حلول مبتكرة، أو تفسيرات مقنعة للظاهرة المدروسة.

أهمية إشكالية البحث:

إشكالية البحث: نقطة الانطلاق التي تضيء طريق البحث العلمي وتؤدي الى تحديد أهداف البحث
إشكالية البحث: نقطة الانطلاق التي تضيء طريق البحث العلمي

تتجاوز أهمية إشكالية البحث كونها مجرد سؤال أو قضية. فهي تلعب دورًا حاسمًا في توجيه البحث وضمان جودته وقيمته. ويمكن تلخيص أهمية إشكالية البحث في النقاط التالية:

  1. تحديد نطاق البحث وتوجيه مساره العام: تعمل الإشكالية كبوصلة توجه الباحث في رحلته البحثية، وتساعده على تحديد نطاق البحث وتجنب التشتت في جوانب غير ضرورية. فبدون إشكالية واضحة ومحددة، قد يتحول البحث إلى رحلة عشوائية وغير موجهة.
  2. تحديد الإطار الذي تندرج تحته أهداف البحث والأسئلة الفرعية والفرضيات: الإشكالية تحدد الإطار العام الذي تندرج تحته كل من الأهداف والأسئلة والفرضيات. فالأهداف الفرعية والأسئلة الفرعية والفرضيات ليست سوى تفصيلات وتوضيحات للإشكالية الرئيسية. وبالتالي، فإن جودة صياغة الإشكالية تنعكس على جودة هذه العناصر الأخرى.
  3. توفير رؤية شاملة للعملية البحثية ككل: الإشكالية تساعد الباحث على رؤية الصورة الكلية للبحث، وفهم العلاقات بين مختلف جوانبه. كما أنها تساعده في تقييم مدى أهمية وقيمة الدراسة، وفي تحديد المساهمة التي يقدمها في مجال تخصصه.

صياغة إشكالية البحث في صورة عبارة نثرية:

غالبًا ما يتم صياغة إشكالية البحث (السؤال الرئيس) في صورة عبارة نثرية، تعبر عن المشكلة أو القضية التي يسعى البحث إلى معالجتها. هذه العبارة تكون عادةً موجزة وواضحة، وتعكس الهدف العام للبحث والمساهمة التي يقدمها. هذه الصيغة لا تمنع الباحث من وضع سؤال رئيسي مباشر، بل هي تترك له حرية التعبير عن الفكرة الرئيسية للبحث بصيغة نثرية بدلا من السؤال، مع توضيح الهدف الكلي من البحث.

أمثلة على صياغة إشكالية البحث في صورة عبارة نثرية:

  • “تهدف هذه الدراسة إلى فهم تأثير التحول الرقمي على القدرة التنافسية للشركات الصغيرة والمتوسطة” (عبارة نثرية تعكس هدفًا عامًا).
  • “تتمثل الإشكالية الرئيسية في هذا البحث في تحليل العوامل التي تساهم في ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب الخريجين.” (عبارة نثرية تحدد المشكلة التي يدرسها البحث).
  • “يسعى هذا البحث الى الكشف عن الأثر المتبادل بين تطبيق معايير المحاسبة الدولية والشفافية المالية في القطاع العام.”(عبارة نثرية تحدد إشكالية البحث في المجال المحاسبي)

التأكيد على أن إشكالية البحث تمثل السؤال الرئيس أو الفجوة المعرفية:

من المهم التأكيد على أن إشكالية البحث ليست مجرد موضوع أو عنوان للبحث، بل هي السؤال الرئيس أو الفجوة المعرفية التي ينطلق منها الباحث. إنها تمثل التحدي الفكري الذي يدفع الباحث إلى البحث والتنقيب، وهي التي تحدد مسار البحث وأهدافه. كما أنها تمثل المساحة غير المستكشفة في مجال المعرفة، التي يتطلع الباحث إلى الإسهام في إضاءتها.

ثانيًا: أهداف البحث: الغايات التفصيلية للمسار

بعد تحديد إشكالية البحث (السؤال الرئيس) التي تمثل نقطة الانطلاق، تأتي مرحلة تحديد أهداف البحث. تمثل الأهداف الغايات الفرعية والمحددة التي يسعى الباحث إلى تحقيقها من خلال دراسته، وهي بمثابة الخطوات العملية التي يتخذها الباحث للإجابة على سؤاله الرئيس أو معالجة إشكاليته. فالأهداف ليست مجرد رغبات أو طموحات، بل هي غايات محددة وقابلة للقياس، توجه عملية البحث وتضمن أن تكون النتائج ذات قيمة ومردود حقيقي.

  • الأهداف كغايات فرعية ومحددة يسعى الباحث إلى تحقيقها لتحقيق الهدف العام: الأهداف الفرعية تعمل على تفصيل وتجزئة الهدف العام للبحث إلى عناصر أصغر وأكثر تحديدًا. فبدلًا من أن يسعى الباحث إلى تحقيق هدف واسع وشامل، فإنه يركز على تحقيق مجموعة من الأهداف الفرعية، كل منها يساهم في تحقيق الهدف العام بشكل متكامل.
  • أهمية الأهداف في توجيه عملية جمع البيانات وتحليلها: الأهداف الفرعية تساعد الباحث على تحديد نوع البيانات التي يحتاجها، والطرق التي سيستخدمها لجمع هذه البيانات، والأساليب التي سيتبعها في تحليلها. فلكل هدف فرعي، هناك مجموعة من الإجراءات والخطوات التي يجب اتخاذها لتحقيقه.
  • الأهداف كخطوات عملية نحو تحقيق الإجابة على السؤال الرئيس: الأهداف ليست مجرد غايات نظرية، بل هي خطوات عملية وملموسة يتخذها الباحث للإجابة على سؤاله الرئيس أو معالجة إشكاليته. فكل هدف فرعي يمثل مرحلة في رحلة البحث، وعندما تتحقق هذه الأهداف، يزداد الباحث اقترابًا من الإجابة على سؤاله الرئيس.

أنواع أهداف البحث:

تتنوع أهداف البحث بتنوع طبيعة البحث وأهدافه. ويمكن تصنيفها إلى الأنواع التالية:

  • أهداف وصفية: تهدف إلى وصف ظاهرة أو وضع معين، وتقديم صورة واضحة ومفصلة لها. في مجال العلوم الاقتصادية، قد يكون الهدف وصف الهيكل التنظيمي للشركات الناشئة، أو وصف سلوك المستهلكين في أسواق محددة.
  • أهداف تحليلية: تهدف إلى فهم العلاقة بين المتغيرات، وتحديد مدى تأثير بعض المتغيرات في متغيرات أخرى. في مجال علوم التسيير، قد يكون الهدف تحليل العلاقة بين أساليب القيادة وأداء العاملين، أو تحليل أثر التكنولوجيا على كفاءة العمليات.
  • أهداف تفسيرية: تهدف إلى تفسير سبب حدوث ظاهرة معينة، والكشف عن العوامل التي تؤدي إليها. في مجال المحاسبة، قد يكون الهدف تفسير أسباب ارتفاع معدلات الغش في التقارير المالية للشركات.
  • أهداف تطبيقية: تهدف إلى إيجاد حلول لمشكلات عملية، وتحسين الممارسات القائمة. في مجال التسويق، قد يكون الهدف تطوير استراتيجيات تسويقية فعالة للوصول إلى شريحة معينة من العملاء.
  • أهداف ابتكارية: تهدف إلى تقديم أفكار جديدة ومفاهيم مستحدثة في المجال. في مجال الاقتصاد، قد يكون الهدف تطوير نموذج جديد لقياس النمو الاقتصادي، أو تقديم تفسير مبتكر للعلاقة بين التجارة الدولية والفقر .
أهداف البحث: الغايات التفصيلية التي تقود نحو الهدف الأسمى
أهداف البحث: الغايات التفصيلية التي تقود نحو الهدف الأسمى

أمثلة على أهداف البحث في العلوم الإدارية والاقتصادية:

لنفترض أن الباحث يدرس العلاقة بين التنوع في فرق العمل ومستوى الابتكار في الشركات التكنولوجية، فإن الهدف العام للبحث سيكون:

  • “فهم العلاقة بين التنوع في فرق العمل ومستوى الابتكار في الشركات التكنولوجية.”

بينما يمكن تفصيل هذا الهدف العام في مجموعة من الأهداف الفرعية، مثل:

  • “تحديد أنواع التنوع التي تؤثر في مستوى الابتكار في الشركات التكنولوجية.”
  • “تحليل آليات التأثير التي من خلالها يساهم التنوع في تعزيز الابتكار.”
  • “فحص أثر مستوى الاندماج والتماسك في فرق العمل على تأثير التنوع في الابتكار.”

هذه الأهداف الفرعية تساعد الباحث على تركيز جهوده وتحديد جوانب محددة من العلاقة بين التنوع والابتكار، وتوجه الباحث نحو جمع البيانات وتحليلها بشكل فعال.

التأكيد على أن الأهداف تمثل تجزئة للهدف العام:

يجب التأكيد على أن الأهداف الفرعية ليست مجرد قائمة من المهام أو الإجراءات، بل هي تجزئة منطقية ومنظمة للهدف العام. يجب أن تكون الأهداف الفرعية متكاملة، بحيث تساهم كل منها في تحقيق الهدف العام بشكل مباشر أو غير مباشر. كما يجب أن تكون الأهداف الفرعية متسلسلة، بحيث تتبع بعضها البعض بشكل منطقي، وتشكل مسارًا واضحًا للبحث.

ثالثًا: الأسئلة الفرعية: تفصيل المسار وتعميق الفهم

بعد تحديد أهداف البحث التي تمثل الغايات التفصيلية للمسار، تأتي مرحلة صياغة الأسئلة الفرعية، التي تُعد بمثابة الأدوات التي يعتمد عليها الباحث لتفصيل الأهداف وتحديد أبعاد المشكلة بشكل أكثر دقة (Cone & Foster, 2006). فالأسئلة الفرعية ليست مجرد تساؤلات عشوائية، بل هي أسئلة منظمة وموجهة، تهدف إلى تحليل جوانب محددة من المشكلة، وتعميق الفهم لها، وتسهيل عملية جمع البيانات وتحليلها.

  • الأسئلة الفرعية كأدوات لتفصيل الأهداف وتحديد أبعاد المشكلة بشكل أكثر دقة: تعمل الأسئلة الفرعية على تجزئة الأهداف الفرعية الكبيرة إلى عناصر أصغر وأكثر تحديدًا. فبدلًا من أن يسعى الباحث للإجابة على هدف فرعي واحد، فإنه يقوم بتجزئته إلى مجموعة من الأسئلة الفرعية، كل منها يمثل جانبًا محددًا من هذا الهدف. هذه التجزئة تساعد الباحث على فهم المشكلة بأبعادها المختلفة، وتحديد المتغيرات التي يجب دراستها.
  • أهمية الأسئلة الفرعية في توجيه عملية جمع البيانات وتحليلها: الأسئلة الفرعية تلعب دورًا حاسمًا في توجيه عملية جمع البيانات وتحليلها. فهي تحدد نوع المعلومات التي يحتاجها الباحث، والأدوات التي سيستخدمها لجمع هذه المعلومات، والأساليب التي سيتبعها في تحليلها. فلكل سؤال فرعي، هناك مجموعة من البيانات والتحليلات التي يجب إجراؤها للإجابة عليه.
  • الأسئلة الفرعية كخطوات نحو الإجابة على السؤال الرئيس من خلال استهداف الأهداف الفرعية: تمثل الأسئلة الفرعية خطوات عملية نحو تحقيق الأهداف الفرعية، والتي بدورها تساهم في الإجابة على السؤال الرئيس للبحث. فكل سؤال فرعي يقرب الباحث من الإجابة النهائية، ويساعده على بناء رؤية متكاملة وشاملة للموضوع المدروس.

أمثلة على الأسئلة الفرعية في العلوم الإدارية والاقتصادية:

لنأخذ مثالًا على هدف فرعي:

  • الهدف الفرعي: “تحديد أنواع التنوع التي تؤثر في مستوى الابتكار في الشركات التكنولوجية.”

يمكن تفصيل هذا الهدف الفرعي في مجموعة من الأسئلة الفرعية، مثل:

  • “هل يؤثر التنوع العرقي في فرق العمل على مستوى الابتكار في الشركات التكنولوجية؟”
  • “هل يختلف تأثير التنوع الجنسي في فرق العمل على مستوى الابتكار في الشركات التكنولوجية عن تأثير التنوع المعرفي؟”

هذه الأسئلة الفرعية تساعد الباحث على استكشاف أبعاد مختلفة للتنوع وتأثيره في الابتكار، وتقوده نحو جمع بيانات وتحليلات أكثر دقة وتحديدًا.

التأكيد على أن الأسئلة الفرعية تقابل الأهداف الفرعية وتساهم في تحقيقها:

يجب التأكيد على أن الأسئلة الفرعية ليست مجرد تساؤلات إضافية، بل هي أدوات حيوية لتحقيق الأهداف الفرعية للبحث. فكل سؤال فرعي يمثل جانبًا محددًا من الهدف، ويساهم في تحقيق هذا الهدف بشكل متكامل. وبالتالي، يجب أن تكون الأسئلة الفرعية مترابطة ومنظمة، بحيث تساهم جميعها في الإجابة على السؤال الرئيس أو معالجة الإشكالية العامة.

رابعًا: الفرضيات: التوقعات الموجهة نحو الإجابة

بعد صياغة الأسئلة الفرعية التي تفصل أبعاد المشكلة وتوجه عملية البحث، تأتي مرحلة وضع الفرضيات، وهي بمثابة التوقعات الموجهة التي يقترحها الباحث كإجابات محتملة ومؤقتة للأسئلة الفرعية (Morrell, 2018). الفرضيات ليست مجرد تخمينات أو افتراضات، بل هي توقعات مستندة إلى المعرفة السابقة، والنظريات القائمة، والمنطق العلمي، وتوجه الباحث نحو جمع البيانات وتحليلها بطريقة منهجية.

  • الفرضيات كإجابات محتملة ومؤقتة للأسئلة الفرعية، أو كتنبؤات بالعلاقات بين المتغيرات: الفرضية تعبر عن توقع الباحث لنتيجة البحث، أو عن العلاقة المتوقعة بين المتغيرات التي يدرسها. هذه التوقعات ليست نهائية، بل هي مؤقتة وقابلة للتعديل أو الرفض في ضوء البيانات التي يتم جمعها وتحليلها. (Cone & Foster, 2006)
  • أهمية الفرضيات في توجيه عملية البحث وتحديد أساليب التحليل: الفرضيات تساعد الباحث على تحديد أنواع البيانات التي يحتاجها، واختيار الأساليب الإحصائية المناسبة لتحليلها. فالفرضية تحدد طبيعة العلاقة المتوقعة بين المتغيرات (إيجابية أو سلبية، خطية أو غير خطية، مباشرة أو غير مباشرة)، وهذا بدوره يؤثر على نوع الاختبارات الإحصائية التي سيستخدمها الباحث.

أنواع الفرضيات:

تتنوع الفرضيات بتنوع طبيعة البحث وأهدافه. ويمكن تصنيفها إلى الأنواع التالية:

  • فرضيات الاتجاه: تتوقع اتجاه العلاقة بين المتغيرات، أي أنها تحدد ما إذا كانت العلاقة إيجابية (زيادة أحد المتغيرات تؤدي إلى زيادة المتغير الآخر) أو سلبية (زيادة أحد المتغيرات تؤدي إلى انخفاض المتغير الآخر). في مجال التسويق، قد تكون الفرضية: “يؤدي استخدام الصور الإيجابية في الإعلانات إلى زيادة نية الشراء لدى المستهلكين”.
  • فرضيات عدم الاتجاه: تتوقع وجود علاقة بين المتغيرات، ولكنها لا تحدد اتجاه هذه العلاقة. في مجال التسيير، قد تكون الفرضية: “يوجد علاقة بين نمط القيادة وأداء العاملين.”
  • فرضيات الصفر: تفترض عدم وجود علاقة بين المتغيرات. في مجال المحاسبة، قد تكون الفرضية: “لا يوجد علاقة بين هيكل رأس المال للشركات وأدائها المالي.”
الفرضيات - توقعات مبنية على أسس نظرية، توجه نحو الإجابة
الفرضيات – توقعات مبنية على أسس نظرية، توجه نحو الإجابة

أمثلة على الفرضيات في العلوم الإدارية والاقتصادية:

لنعد إلى المثال الذي تناولناه سابقًا عن العلاقة بين التنوع في فرق العمل ومستوى الابتكار في الشركات التكنولوجية. فإذا كان لدينا الهدف الفرعي التالي:

  • “تحديد أنواع التنوع التي تؤثر في مستوى الابتكار في الشركات التكنولوجية”.

يمكن صياغة عدة فرضيات مرتبطة بهذا الهدف الفرعي، مثل:

  • “توجد علاقة إيجابية بين مستوى التنوع العرقي في فرق العمل ومستوى الابتكار في الشركات التكنولوجية.” (فرضية اتجاه).
  • “يختلف تأثير التنوع الجنسي في فرق العمل على مستوى الابتكار في الشركات التكنولوجية عن تأثير التنوع المعرفي.” (فرضية عدم اتجاه)
  • “لا يوجد علاقة بين التنوع اللغوي في فرق العمل ومستوى الابتكار في الشركات التكنولوجية.” (فرضية صفرية).

التأكيد على أن الفرضيات تقابل الأسئلة الفرعية وتقدم حلولاً مقترحة لها:

يجب التأكيد على أن الفرضيات ليست مجرد توقعات عشوائية، بل هي إجابات محتملة ومؤقتة للأسئلة الفرعية التي تم صياغتها سابقًا. فكل فرضية تقابل سؤالًا فرعيًا محددًا، وتهدف إلى تقديم حل مقترح لهذا السؤال. وبالتالي، يجب أن تكون الفرضيات متسقة مع الأسئلة الفرعية، وأن تساهم في الإجابة عليها بطريقة منطقية ومقنعة (Rank, 2015).

خامسًا: العلاقة التكاملية بين إشكالية البحث، وأهداف البحث، والأسئلة الفرعية، والفرضيات

بعد أن تناولنا كل عنصر من عناصر خارطة طريق البحث بشكل منفصل، ننتقل الآن إلى استكشاف العلاقة التكاملية التي تربط بين هذه العناصر، وكيف تعمل معًا في تناغم لتحقيق الهدف الأسمى للبحث العلمي: فهم أعمق وأشمل للظاهرة المدروسة.

  • إشكالية البحث (السؤال الرئيس) كمحرك أساسي يحدد اتجاه البحث: تمثل إشكالية البحث (أو السؤال الرئيس) القوة الدافعة التي تحرك البحث وتحدد مساره العام (Morrell, 2018). إنها النقطة المركزية التي تدور حولها جميع عناصر البحث الأخرى، وهي التي تمنح البحث هويته وهدفه. فبدون إشكالية واضحة ومحددة، يصبح البحث بلا اتجاه، وتتشتت جهود الباحث في اتجاهات متعددة.
  • أهداف البحث كغايات فرعية تفصل وتبسط الإشكالية الرئيسية: تعمل أهداف البحث على تفصيل وتبسيط الإشكالية الرئيسية إلى مجموعة من الغايات الفرعية والمحددة التي يسعى الباحث إلى تحقيقها. فبدلًا من أن يكون البحث موجهًا نحو هدف عام وغير واضح، فإنه يصبح موجهًا نحو مجموعة من الأهداف المحددة والقابلة للقياس. هذه الأهداف الفرعية تساهم في جعل الإشكالية أكثر قابلية للتناول والتحليل (Cone & Foster, 2006).
  • الأسئلة الفرعية كأدوات لاستكشاف مختلف جوانب الأهداف الفرعية: تعمل الأسئلة الفرعية على تفصيل الأهداف الفرعية وتوجيه عملية جمع البيانات وتحليلها (Rank, 2015). فكل سؤال فرعي يمثل جانبًا محددًا من الهدف، ويساعد الباحث على استكشاف هذا الجانب بعمق، وفهم العلاقات بينه وبين الجوانب الأخرى.
  • الفرضيات كحلول مقترحة وموجهة للأسئلة الفرعية: تمثل الفرضيات الإجابات المحتملة والمؤقتة للأسئلة الفرعية. وهي بمثابة التنبؤات التي يطرحها الباحث حول العلاقات بين المتغيرات، وتوجه جهوده نحو اختبار صحة هذه التنبؤات (Morrell, 2018). الفرضيات تساعد الباحث على تحديد أساليب التحليل المناسبة، وتفسير النتائج بشكل منطقي ومقنع.

العلاقة التكاملية بين الفرضيات والأهداف:

العلاقة بين الفرضيات والأهداف علاقة تبادلية وتكاملية. فمن جهة، تمثل الفرضيات أدوات للاختبار العملي للأهداف، حيث أنها تحدد العلاقات التي سيتم فحصها في سياق هذه الأهداف. ومن جهة أخرى، فإن الأهداف هي التي تحدد نوع الفرضيات المناسبة، وتساعد الباحث على التركيز على الجوانب الأكثر أهمية في بحثه (Cone & Foster, 2006).

تخيل خريطة طريق. فإشكالية البحث هي الوجهة النهائية التي يسعى الباحث إليها، وأهداف البحث هي المدن والمحطات الرئيسية التي يمر بها الباحث في طريقه، والأسئلة الفرعية هي الطرق والشوارع التي تربط بين هذه المحطات، والفرضيات هي العلامات الإرشادية التي تساعد الباحث على تحديد الاتجاه الصحيح. فكل عنصر من هذه العناصر له دور محدد في رحلة البحث، وتعمل جميعها في تناغم لتحقيق الهدف الأسمى، وهو الوصول إلى فهم أعمق وأكثر شمولية للموضوع المدروس.

في العلوم الإدارية والاقتصادية، يمكن أن تتضح هذه العلاقة التكاملية في الأمثلة التالية:

  • مثال 1 (التسويق):
    • إشكالية البحث: “ما هو تأثير التسويق عبر المؤثرين على سلوك المستهلك؟”
    • الأهداف الفرعية:
      * “تحديد أنواع المؤثرين التي تحظى بثقة أكبر من قبل المستهلكين.”
      * “تحليل آليات تأثير التسويق عبر المؤثرين على قرارات الشراء.”
    • الأسئلة الفرعية:
      • “هل يؤثر التنوع في خلفية المؤثرين على مستوى ثقة المستهلكين بهم؟”
      • “هل تختلف استراتيجيات الإقناع المستخدمة من قبل المؤثرين ذوي الشعبية الكبيرة عن تلك المستخدمة من قبل المؤثرين ذوي المصداقية العالية؟”
    • الفرضيات:
      • “يؤدي التسويق عبر المؤثرين ذوي المصداقية العالية إلى زيادة مستوى ثقة المستهلكين.”
      • “يؤثر استخدام استراتيجيات الإقناع العاطفي في التسويق عبر المؤثرين على قرارات الشراء أكثر من استخدام استراتيجيات الإقناع المنطقية.”
  • مثال 2 (المحاسبة):
    • إشكالية البحث: “ما هو أثر تطبيق معايير المحاسبة الدولية على الشفافية المالية؟”
      • الأهداف الفرعية:
        • “تحليل أثر تطبيق معايير المحاسبة الدولية على مستوى الإفصاح في التقارير المالية.”
        • “فحص أثر تطبيق معايير المحاسبة الدولية على جودة المعلومات المحاسبية.”
      • الأسئلة الفرعية:
        • “هل يؤدي تطبيق معايير المحاسبة الدولية إلى زيادة حجم المعلومات المفصح عنها في التقارير المالية؟”
        • “هل يساهم تطبيق معايير المحاسبة الدولية في تقليل التلاعب في الأرقام المحاسبية؟”
      • الفرضيات:
        • “يؤدي تطبيق معايير المحاسبة الدولية إلى زيادة حجم المعلومات المفصح عنها في التقارير المالية للشركات.”
      • “يؤدي تطبيق معايير المحاسبة الدولية إلى تحسين جودة المعلومات المحاسبية، كما تقاس بانخفاض معدلات الأخطاء المحاسبية.”

سادسًا: الجانب العملي والتطبيقي: كيف يخدم هذا التكامل الباحث في الممارسة؟

بعد أن استعرضنا الجوانب النظرية والعلاقة التكاملية بين إشكالية البحث (السؤال الرئيس)، وأهداف البحث، والأسئلة الفرعية، والفرضيات، ننتقل الآن إلى الجانب العملي والتطبيقي، ونرى كيف يمكن للباحث في العلوم الإدارية والاقتصادية والتجارية والمحاسبة أن يستفيد من هذا التكامل في الممارسة العملية، وكيف يخدمه في إنجاز بحث علمي دقيق وفعال.

أمثلة من دراسات في العلوم الإدارية والاقتصادية حول كيفية تطبيق هذا التكامل:

  • تحويل الإشكالية الرئيسية إلى أهداف قابلة للتنفيذ: تبدأ رحلة البحث بتحويل الإشكالية العامة إلى أهداف فرعية محددة وقابلة للتنفيذ. هذه الأهداف تساعد الباحث على ترجمة الغاية الكلية للبحث إلى خطوات عملية وملموسة. لنأخذ مثالًا على ذلك:
    • الإشكالية الرئيسية: “فهم أثر الحوكمة الرشيدة على الأداء المالي للشركات العائلية.”
    • الأهداف الفرعية القابلة للتنفيذ:
      • “تحديد الممارسات الأساسية للحوكمة الرشيدة في الشركات العائلية.”
      • “تحليل العلاقة بين تطبيق ممارسات الحوكمة الرشيدة والأداء المالي للشركات.”
      • “تقييم أثر تطبيق الحوكمة الرشيدة على ثقة المستثمرين في الشركات العائلية.”
  • ربط الأهداف بالأسئلة الفرعية التي توجه عملية جمع البيانات: الأسئلة الفرعية تعمل على تفصيل الأهداف الفرعية وتوجيه عملية جمع البيانات. فهي تحدد نوع المعلومات التي يحتاجها الباحث، والأدوات التي سيستخدمها لجمع هذه المعلومات. لنأخذ مثالًا على ذلك:
    • الهدف الفرعي: “تحديد أنواع التكنولوجيا الرقمية التي تتبناها الشركات الصغيرة والمتوسطة.”
      الأسئلة الفرعية:
      * “ما هي نسبة الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تستخدم نظام إدارة علاقات العملاء (CRM)؟”
      * “ما هي أنواع برامج المحاسبة الرقمية التي تعتمد عليها الشركات الصغيرة والمتوسطة؟”
      * “ما هي قنوات التواصل الاجتماعي التي تستخدمها الشركات الصغيرة والمتوسطة للتسويق؟”
  • بناء فرضيات قابلة للاختبار بناءً على الأهداف والأسئلة الفرعية: تساعد الفرضيات الباحث على ترجمة الأهداف والأسئلة الفرعية إلى توقعات محددة وقابلة للاختبار. هذه الفرضيات تكون بمثابة البوصلة التي توجه عملية تحليل البيانات. لنأخذ مثالًا على ذلك:
  • الهدف الفرعي: “تحليل آليات التأثير التي من خلالها يساهم التنوع في تعزيز الابتكار.”
    • السؤال الفرعي: “هل يؤثر التنوع المعرفي في فرق العمل على مستوى الابتكار في الشركات التكنولوجية؟”
    • الفرضية القابلة للاختبار: “يؤدي ارتفاع مستوى التنوع المعرفي في فرق العمل (كما يُقاس بتنوع الخلفيات العلمية والخبرات العملية) إلى زيادة مستوى الابتكار في الشركات التكنولوجية (كما يُقاس بعدد براءات الاختراع أو المنتجات الجديدة).”
  • استخدام نتائج البحث في تقييم مدى تحقق الأهداف والإجابة على الأسئلة، والتحقق من صحة الفرضيات: بعد جمع البيانات وتحليلها، يجب على الباحث أن يستخدم النتائج التي توصل إليها لتقييم مدى تحقق أهداف البحث، والإجابة على الأسئلة الفرعية، والتحقق من صحة الفرضيات. هذا التحقق يعتمد على الربط بين النتائج وبين الأهداف والأسئلة والفرضيات، لإثبات مدى اتساق الدراسة مع الإطار النظري. (Cone & Foster, 2006).
  • التأكيد على أن هذا التكامل يزيد من دقة البحث وفاعليته، ويساهم في اتخاذ قرارات مبنية على الأدلة: عندما يعمل الباحث على تحقيق التكامل بين الإشكالية والأهداف والأسئلة والفرضيات، فإنه يضمن أن يكون البحث دقيقًا وموجهًا نحو تحقيق غايات محددة. هذا التكامل يزيد من قيمة البحث وفاعليته، ويساهم في بناء المعرفة العلمية بطريقة منهجية ومقنعة. كما أن هذه المنهجية تساعد في اتخاذ قرارات مبنية على الأدلة، وليست مجرد آراء أو تخمينات شخصية (Dunleavy, 2003).

أمثلة عملية لتوضيح التكامل:

لنأخذ بعض الأمثلة لتوضيح كيف يخدم هذا التكامل الباحث في الممارسة:

  • مثال 1 (العلوم الاقتصادية):
    • إشكالية البحث: “ما هو أثر السياسات النقدية على معدلات التضخم في الدول النامية؟”
      • الأهداف:
        • “تحديد أنواع السياسات النقدية التي تتبعها الدول النامية.”
        • “تحليل العلاقة بين أسعار الفائدة ومعدلات التضخم.”
        • “تقييم أثر السياسات النقدية على النمو الاقتصادي.”
      • الأسئلة الفرعية:
        * “هل يؤدي رفع أسعار الفائدة إلى انخفاض معدلات التضخم في الدول النامية؟”
        * “هل تختلف فعالية السياسات النقدية باختلاف الهياكل الاقتصادية للدول النامية؟”
      • الفرضيات:
        • “يؤدي رفع أسعار الفائدة إلى انخفاض معدلات التضخم في الدول النامية.”
        • “تكون السياسات النقدية أكثر فعالية في الدول النامية التي تتمتع بهياكل اقتصادية أكثر استقرارًا.”
  • مثال 2 (علوم التسيير):
    • إشكالية البحث: “كيف يمكن تحسين أداء فرق العمل في الشركات التكنولوجية؟”
      • الأهداف:
        • “تحديد أثر أساليب الاتصال الفعالة على أداء فرق العمل.”
        • “تحليل أثر توزيع المسؤوليات والمهام على أداء فرق العمل.”
        • “تقييم أثر برامج التدريب والتطوير على أداء فرق العمل.”
      • الأسئلة الفرعية:
        * “هل يؤدي استخدام أساليب الاتصال المفتوح والصريح إلى تحسين أداء فرق العمل؟”
        * “هل يؤدي توزيع المسؤوليات والمهام بشكل عادل إلى زيادة الكفاءة في فرق العمل؟”
    • الفرضيات:
      • “يؤدي استخدام أساليب الاتصال المفتوح والصريح إلى تحسين أداء فرق العمل في الشركات التكنولوجية.
      • “يؤدي توزيع المسؤوليات والمهام بشكل عادل إلى زيادة الكفاءة في فرق العمل في الشركات التكنولوجية.”
  • مثال 3 (المحاسبة):
    • إشكالية البحث: “ما هو دور المحاسبة في دعم اتخاذ القرارات في الشركات الناشئة؟”
      • الأهداف:
        • “تحديد أنواع المعلومات المحاسبية التي يعتمد عليها المدراء في الشركات الناشئة.”
        • “تحليل كيفية استخدام المعلومات المحاسبية في اتخاذ القرارات الاستراتيجية والتكتيكية في الشركات الناشئة.”
        • “تقييم أثر جودة المعلومات المحاسبية على جودة القرارات المتخذة.”
      • الأسئلة الفرعية:
        • “ما هي أنواع التقارير المالية التي يستخدمها المدراء في الشركات الناشئة في اتخاذ قراراتهم؟”
        • “هل يؤثر استخدام المعلومات المحاسبية الدقيقة والمفصلة على جودة القرارات الاستراتيجية المتخذة؟”
        • الفرضيات:
          • “يعتمد المدراء في الشركات الناشئة بشكل أساسي على التقارير المالية التي تلخص الأداء المالي بشكل عام.”
          • “تؤثر جودة المعلومات المحاسبية (كما تقاس بدقتها وموثوقيتها) بشكل إيجابي على جودة القرارات الاستراتيجية المتخذة في الشركات الناشئة.”

في هذه الأمثلة، نرى كيف يمكن للباحث أن يستخدم الأهداف والأسئلة والفرضيات لتحويل إشكالية عامة إلى بحث علمي منظم، ويستخدم النتائج التي توصل إليها للإجابة على الأسئلة والتحقق من صحة الفرضيات، وتقييم مدى تحقق الأهداف، وبالتالي تحقيق الغاية الكلية للبحث.

الخاتمة:

في نهاية هذه الرحلة الاستكشافية، التي تناولنا فيها العلاقة بين أهداف البحث، والأسئلة الفرعية، والفرضيات، نؤكد أن هذه العناصر ليست مجرد مكونات منفصلة، بل هي أجزاء متكاملة في خارطة طريق الباحث في رحلة الدكتوراه. فكما أن السفينة لا يمكن أن تبحر بدون وجهة محددة، فإن البحث العلمي لا يمكن أن يحقق أهدافه دون تحديد واضح لغاياته.

  • التأكيد على أن أهداف البحث هي المحرك الرئيسي الذي يوجه عملية البحث: إن أهداف البحث هي بمثابة المحرك الذي يدفع الباحث إلى الأمام، ويذكره دائمًا بالغايات التي يسعى إلى تحقيقها (Rank, 2015). فبدون أهداف واضحة ومحددة، يصبح البحث بلا وجهة، ويصعب تقييم مدى نجاحه. لذلك، يجب على الباحث أن يبدأ دائمًا بتحديد أهداف بحثه بدقة، وأن يحرص على أن تكون هذه الأهداف واقعية وقابلة للتحقيق.
  • التشجيع على فهم العلاقة التكاملية بين إشكالية البحث، والأهداف، والأسئلة الفرعية، والفرضيات: يجب أن يدرك الباحث أن إشكالية البحث (السؤال الرئيس) هي نقطة الانطلاق، وأن الأهداف تمثل الغايات التي يسعى إلى تحقيقها، وأن الأسئلة الفرعية هي الأدوات التي يستخدمها لتفصيل هذه الأهداف، وأن الفرضيات هي التوقعات التي يطرحها حول العلاقات بين المتغيرات (Cone & Foster, 2006). هذه العناصر ليست مستقلة عن بعضها البعض، بل هي مترابطة ومتكاملة، وتعمل معًا في تناغم لتحقيق الهدف الأسمى للبحث العلمي (Morrell, 2018).

في هذا الجزء الأخير، تم التركيز على أهمية فهم العلاقة التكاملية بين عناصر البحث، والتذكير بأن هذه العناصر ليست ثابتة بل قابلة للتطور. نأمل أن تكون هذه المقالة قد ساهمت في توضيح هذه العلاقة الهامة، وأن تكون بمثابة خارطة طريق للباحثين في رحلتهم نحو تحقيق أهدافهم العلمية.

المراجع:

  • Cone, J. D., & Foster, S. L. (2006). Dissertations and theses from start to finish: Psychology and related fields. American Psychological Association.
  • Dunleavy, P. (2003). Authoring a PhD: How to plan, draft, write and finish a doctoral thesis or dissertation. Palgrave Macmillan.
  • Morrell, K. (2018). Finish your thesis or dissertation!. Kindle Edition.
  • Rank, S. (2015). How to finish your dissertation in six months, even if you don’t know what to write. Scholarpreneur Press.
  • Murray, R. (2006). How to Write a Thesis. Open University Press.
  • Lunenburg, F. C., & Irby, B. J. (2008). Writing a successful thesis or dissertation: Tips and strategies for students in the social and behavioral sciences. Corwin Press.
شارك

Newsletter Updates

Enter your email address below and subscribe to our newsletter

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!